اليمن

3000الف يوم حصار.. السلطة المحلية  تذكر العالم بحياة تعز وموتها



ليس أسوأ من الحصار ، سوى قسوة انعدام التعاطف ولا معنى التضحيات، لا بل الشعور بتحمل وزر الحصار  وبأنه مُستَحق عقاباً على مقاومة الكهنوت والارهاب، هذا ما يقوله العالم لتعز المحاصرة.

ربما تقاسمت تعز  حالات القتل والدمار  والتشرد والنزوح مع بقية المناطق اليمنية عاشت ما عاشوه من قسوة الحرب وويلاتها وظلمها، لكن الفارق الذي نراه جديراً بالملاحظة، هو حصار مليشيا الحوثية  لمدينة تعز، منذ سبع سنوات، أطول حصار في التاريخ الحديث والمعاصر، فهو أطول من حصار سراييفو وستالينجراد وليننغراد، وأيضا أطول من حصار النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه لمنطقة الغوطة الشرقية، وهو الحصار الذي وصفته الأمم المتحدة، في يونيو 2018، بأنه “أطول حصار متواصل في التاريخ الحديث”، وانتهى ذلك الحصار بعد أن شن النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه حملة عسكرية ساحقة للسيطرة على المنطقة وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين هناك.

من المعروف أن غريزة البقاء عند البشر تشتدُّ أثناء الحصار ز الأزمات والحروب، بحيث أن فقدان الأمان والشعور بالتهديد الذي تخلقه الحرب، يدفع الناس إلى التعلق أكثر بأهداب الحياة، كردة فعل طبيعية وغريزية نابذة للموت المترقِّب، والمُحلِّق في فضاءات المكان والمخيلة… لكن هذا الوضع “الطبيعي” في علاقة الإنسان بالحياة والموت، لم يعد يبدو طبيعياً إن نظرنا وتمعَّنا في علاقة سكان تعز بالحصار الذي تفرضه الحوثية على مدينتهم  ، ورأينا “قصة معاناتهم.

ازاء هذا قامت السلطة المحلية بمحافظة تعز، يوم الأربعاء تنظم فعاليات مختلفة، لتسليط الضوء على معاناة المدنيين في مدينة تعز، تزامنا مع مرور ثلاثة آلاف يوم من الحصار الحوثي على المدينة. وقال بلاغ صادر عن السلطة، إن الفعاليات تأتي تزامناً مع مضي 8 سنوات للحصار المشؤوم الذي تفرضه مليشيا الحوثي على المدينة ومرور 3000 يوم على واحدة من أطول الجرائم في التاريخ الحديث وأبشعها، والمليئة بالمعاناة الانسانية التي عاشها ومازال يعانيها ما يزيد عن أربعة ملايين مواطن.

كثيرة هي المآسي المترتبة على حصار مدينة تعز، منها: الصعوبات التي يواجهها المدنيون في نقل البضائع إلى المدينة عبر طرق جبلية وعرة، وحوادث السير المتكررة وما تسفر عنه من ضحايا، وغلاء أسعار مختلف السلع بسبب وعورة الطرق الجبلية البديلة ومسافاتها الطويلة في ظل ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، ومعاناة المرضى الذين يحتاجون لرعاية صحية لا تتوفر داخل المدينة المحاصرة، بالإضافة إلى حالة الخوف والقلق في أوساط المدنيين الذين تتعرض أحياؤهم السكنية للقصف بالمدفعية الثقيلة والقنص بشكل شبه يومي وما يسفر عن ذلك من قتلى وجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة البعض بعاهات مستدامة أو بأمراض نفسية جراء الخوف والقلق الدائم، وفرض الإقامة الجبرية على سكان بعض الأحياء، وغير ذلك من صور المعاناة الناجمة عن استمرار الحصار.

. فالعالم يبدو متعاطفاً مع القاتل لا مع الضحية، لا بل هو يعمم القتلة ويساوي بينهم كي يدين الجميع ويرتاح، ويفصل ذاته ويُخلي مسؤوليته عن جريمة هذا الحصار الجائر. ذلك هو انقلاب القيم الذي يجعل القيمة ذاتها عدماً، والحياة ذاتها بلا قيمة،

 تعز تُدان   لأنها محاصره تُدان  لأنها تُقتَل ولأنها  تنتظر عادلة العالم لفك حصار عنها  ، تُدان لأنها تقام  الكهنوت الارهابي  ، لكن حقيقة هذا الاهمال  تكمن في أنها تعويض عن العبء الأخلاقي والقانوني والحقوقي الذي يجب أن يتحمله العالم معنا وتجاهنا، لا لأننا من هذا العالم فقط، بل لأنهم لن يستطيعوا رمينا “كالطفل مع غسيله الوسخ” دون أن تبتَّل أيديهم وأرواحهم مستقبلاً، فتركت تعز تفنى أمام موتها   في عالم معولم ومغرق في الصورة والمعلومة والخبر، ليس مسألة تمضي على الضمير الإنساني الكلّي كشيء عادي وبلا أهمية، وتعز  لن تفنا نتيجة هذا الحصار ، بل سيمضون في محاكمة العالم على صمته تجاه التوحش الحوثي  الذي تتعرض  له وحيده  ومحاصره وستولِّد الحياة من رماد ضحايا الحصار والقتل ، ومن تجربتها  المرَّة مع الموت والصمت”



مصدر الخبر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى