اليمن

كلمة لابد منها وفاءً للرجل الإستثنائي صالح أبوبكر بن حسينون



في منتصف الستينات تقريبا كان الشهيد صالح أبوبكر بن حسينون واحداً من الأوائل الذين انتظموا في صفوف الجبهة القومية من جيش البادية الحضرمي ذلك الجيش الذي أنشأته بريطانيا وكانت ترعاه المستشارية البريطانية في المحمية الشرقية حينذاك .
وعلى المرء أن يتصور ماكان يتطلبه ذلك من السرية ، وما كان ينطوي عليه من مخاطر خاصةً والجبهة القومية تتبع وتتبنى مشروع قومي عربي تحرري معادي للإستعمار .. لقد أستطاعت تلك الخلايا التابعة للجبهة القومية في جيش البادية فيما بعد كسب وتجيير موقف ذلك الجيش لمصلحة ثورة ١٤ أكتوبر وانتصار الجبهة القومية في حضرموت ومن ثم تحقيق الإستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام ١٩٦٧م .
عندما عرفت الرجل عن قرب فيما بعد وفي مناسبات عدة أدركت مدى تميزه وما يتمتع به من رصانة في الرأي وصلابة في الموقف ودرجة عالية من الوعي السياسي والإدراك العميق للمسئولية لقد تحمل بن حسينون رحمة الله عليه في حياته العملية مهام جسيمة ومسئوليات صعبة في وزارة الدفاع والسلك الديبلوماسي وفي وزارة الثروة النفطية وكانت له بصمات واضحة ومشهودة في كل المجالات التي عمل بها كما أن له دور معروف في عملية إسكات الرصاص وانهاء الحرب في ١٣ يناير ١٩٨٦م بين الرفاق وإعادة تطبيع الحياة . 
بعد الوحدة وقبل حرب ١٩٩٤م كان وزيراً للنفط واستطاع حينها تأسيس قوة حماية الشركات النفطية من أبناء المناطق التي تقع فيها الحقول النفطية وكان ذلك عملاً إستراتيجياً مهماً لبناء قوة عسكرية حضرمية كان من شأنها أن تعيد التوازن وان تسهم في تصحيح الإعوجاج الذي رافق قيام الوحدة منذ البداية وقد حالت حرب صيف ١٩٩٤م فيما بعد دون ذلك .
لقد إستشهد البطل صالح أبوبكر بن حسينون وهو يقوم بواجبه في محاولة أخيرة للملمة الصفوف والاليات العسكرية التي كانت قد تراجعت وتم إيقافها في منطقة ٤٠ شقة أثناء الإشتباك  على الخط العام بين نادي الشرطة ومحطة البترول وقد أصيب بطلقة قاتلة في الصدر نفذت من الجانب الأيمن واستقرت بداخله ولاشك إنه نتج عنها نزيف داخلي وقد كنت إلى جانبه إذ أصبت أيضاً بعدة طلقات وبعد الإصابة سحبته إلى خلف إحدى السيارات وارتمينا على الأرض والطلقات النارية مازالت تلاحقنا وجاء إلى جوارنا المقدم بن مخاشن قائد حراسة بن حسينون ثم انتقل إلى وراء الحاجز الذي كان يحتمي خلفه مجموعة من الحراس والمرافقين ثم أصيب هو الآخر بطلقة في الرأس فارق بعدها الحياة مباشرة كما سمعت فيما بعد ، ثم بعد ذلك وبعد أن صمتت البنادق جاء أحد الشباب (البحسني) من مرافقي القائد عمر بارشيد وأسعفنا إلى مستشفى باشراحيل بين الحياة والموت وهناك بدأت محاولات الإسعاف من قبل الأطباء والمساعدين الذين بذلوا كل مابوسعهم للإنقاذ إلا أن الفقيد الشهيد صالح بن حسينون كان قد فارق الحياة ظهر يوم ١٩٩٤/٧/٤م ولابد من الإشارة هنا بل والإشادة بدور المناضل القدير المرحوم محمد فرج مصاقع الذي كان منذ الصباح معنا كتفاً بكتف في ظل غياب الجميع إذ غادر أغلبهم المكلا في الصباح الباكر ورافق جثمان الشهيد إلى مدينة غيل باوزير حيث الرئيس البيض ثم إلى مثواه الأخير في مدينة الشحر ثم رافقنا إلى شحن في الحدود العمانية وتمكن بصعوبة وبمساعدة المناضل حسن أحمد باعوم من إدخالي إلى الأراضي العمانية للعلاج إذ كان الإزدحام على أشده  بعد عناء رحلة شاقة إستمرت ثلاثة أيام تقريباً رحم الله الشهيد أبو حسين وجميع الشهداء واسكنهم الفردوس الاعلى فلله ما أعطى ولله ما أخذ وانا لله وانا إليه راجعون .

صالح عمر المضي



مصدر الخبر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى