سوريا

“برج 22” قاعدة أميركية تخرج من الظل إلى العلن.. هل استهدافها يجر المنطقة للحرب؟


جاء مقتل الجنود الأميركيون الثلاثة وإصابة 34 آخرين في القاعدة العسكرية الأميركية داخل الأراضي الأردنية، كمفاجأة جديدة للمنطقة التي تعيش على صفيح ساخن، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والفشل الدولي المتعمد في إيقاف جرائم الإبادة الجماعية لسكان القطاع الفلسطيني.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، الميليشيات المدعومة من إيران باستهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق في عشرات الهجمات عبر المسيرات والصواريخ والقذائف بهدف إيقاف واشنطن دعم الحرب التي تقودها إسرائيل.

ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن باللوم في الهجوم على الميليشيات المدعومة من إيران، وأثار الحادث تساؤلات فورية حول متى وأين وكيف يمكن أن يرد البنتاغون بقوة. وقال بايدن في بيان إن الولايات المتحدة “ستحاسب المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها”.

وقتل خمسة جنود أميركيين منذ العدوان الإسرائيلي على غزة. وفقد اثنان من قوات البحرية الأميركية في حادث وقع في وقت سابق من هذا الشهر أثناء قيامهما بمهمة لاعتراض مكونات الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى اليمن، حيث يواصل المسلحون استهداف السفن التجارية والعسكرية قبالة شبه الجزيرة العربية.

وقال المسؤولون إنه عندما حاول أفراد القوات الخاصة الصعود على متن قارب يشتبه في أنه يحمل أسلحة غير مشروعة، انزلق أحدهم وسقط من على سلم بينما قفز الآخر في الأمواج القوية للمساعدة. وتم إعلان وفاتهم بعد أيام بعد مهمة بحث موسعة.

ورغم تنفيذ البنتاغون لضربات انتقامية انتقائية ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا واليمن، إلا أن الميليشيات المدعومة من طهران استمرت في هجماتها إلى أن وصلت إلى قتل جنود أميركيين بمكان جديد، وهو في الأردن،  بالوقت الذي تعيش فيه الولايات المتحدة أجواء انتخابية يتقدم فيها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي يسعى جاهداً لاستعادة المنصب نهاية 2024.

وأعلنت ميليشيا “المقاومة الإسلامية في العراق”، وهي مظلة تضم كتائب حزب الله والنجباء ومسلحين آخرين مدعومين من إيران، مسؤوليتها عن الهجوم في مسيرة انطلقت من الأراضي السورية، وفقاً لمسؤول كبير في المنظمة تحدث إلى صحيفة واشنطن بوست.

وقال مسؤول في الميليشيا للصحيفة، إن “جميع المصالح الأميركية في المنطقة هي أهداف مشروعة ونحن لا نهتم بالتهديدات الأميركية بالرد، فنحن نعرف الاتجاه الذي نسير فيه والشهادة هي جائزتنا”.

القاعدة 22 الأميركية

قاعدة “البرج 22” الأميركية في الأردن

حاولت الأردن أن تتملص من الهجوم عبر مزاعم أن الهجوم كان على قاعدة التنف الأميركية في جنوبي سوريا في المثلث الحدود بين الأردن والعراق وسوريا، إلا أن كل المصادر أكّدت أن العملية استهدفت قاعدة البرج 22 في الأردن.

وتشير المعلومات إلى أن القاعدة تضم حوالي 350 جندياً أميركياً، في شمال شرق الأردن على طول الحدود المشتركة للبلاد مع سوريا والعراق، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

وقال مسؤول دفاعي أميركي إن الطائرة بدون طيار التي تحركت في اتجاه واحد ضربت أماكن المعيشة في القاعدة، مما تسبب في إصابات تراوحت بين الجروح والكدمات وإصابات الدماغ، إلى جانب الجنود الثلاثة الذين قتلوا.

لا يعرف عن الموقع سوى القليل، لكنه يقع قرب قاعدة التنف الواقعة في الجهة المقابلة داخل الحدود السورية وتضم عدداً صغيراً من الجنود الأميركيين، بحسب وكالة “رويترز”.

واضطلعت قاعدة التنف بدور رئيسي في الحرب على تنظيم الدولة بالتعاون مع الجيش السوري الحر المناهض للنظام السوري، وكان للقاعدة دور أيضاً في الاستراتيجية الأميركية لاحتواء التمدد العسكري الإيراني في شرق سوريا، بحسب الوكالة.

ويقع البرج 22 على مسافة قريبة بدرجة كافية من القوات الأمريكية في التنف بحيث يمكن أن يساعد في دعم تلك القوات فضلاً عن استخدامه أيضاً في مكافحة المسلحين المدعومين من إيران بالمنطقة ومساعدة القوات على مراقبة ما تبقى من أعضاء تنظيم الدولة.

ويستضيف الأردن مئات من المدربين العسكريين الأميركيين وهو واحد من حلفاء قلائل بالمنطقة يجرون تدريبات ممتدة مع قوات أميركية على مدار العام.

ومنذ شن النظام السوري لحرب شاملة على الشعب في سوريا عام 2011، أنفقت واشنطن مئات الملايين من الدولارات لمساعدة عمان في إنشاء نظام مراقبة متطور يعرف باسم برنامج “أمن الحدود” لوقف تسلل المسلحين من سوريا والعراق.

الرئيس الأميركي جو بايدن - رويترز

بايدن في وجه العاصفة

ويبدو أن إدارة بايدن في مواجهة انتقادات لاذعة لعدم حسمه لهذه الهجمات المستمرة من قبلاء وكلان إيران في المنطقة، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة، والغضب الشعبي داخل أميركا وخارجها من الدعم غير المشروط الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل على الرغم من الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين.

ورغم أن الميليشيا هي واجهة لتنفيذ مصالح إيرانية في العراق والمنطقة، إلا أنها تستهدف القوات الأميركية منذ عام 2018، بعد أن سحب الرئيس السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي مع طهران.

وينتشر نحو 2500 جندي أميركي في العراق و900 آخرين في سوريا، نشرتهم واشنطن بدعاوى محاربة الإرهاب ومنع تنظيم الدولة من العودة، وسط وعود أميركية مستمرة بتقليص أعدادهم خصوصاً مع الانتقاد المتزايد لوجود هذه القوات الأجنبية، من قبل الحكومة العراقية.

وتفاقم الخلاف بين واشنطن وبغداد في الأسابيع الأخيرة، حيث تصدت القوات الأميركية لتصاعد الهجمات بالوكالة الإيرانية. 

وفي 4 يناير/كانون الثاني، شنت إدارة بايدن ضربة انتقامية نادرة على قاعدة تابعة لميليشيا في وسط بغداد، مما أسفر عن مقتل قائد الجماعة. وقال مسؤولون أميركيون في ذلك الوقت إنهم يأملون أن تكون الضربة بمثابة رادع ضد المزيد من العداء تجاه القوات الأمريكية. وبدلا من ذلك، أصبحت الهجمات أكثر طموحاً.

واستغل أعضاء في الكونغرس هجوم يوم الأحد لتضخيم انتقاداتهم لبايدن وإدارته للعنف المرتبط بغزة والذي ترك معظم الشرق الأوسط على حافة الهاوية. 

وناشد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من ولاية كنتاكي) الإدارة فرض “تكاليف معوقة خطيرة” على إيران ووكلائها.

وقال ماكونيل: “إن الوقت المناسب للبدء في أخذ هذا العدوان على محمل الجد، كان قبل وقت طويل من فقدان المزيد من الأمريكيين الشجعان حياتهم”.

وقال السيناتور ليندسي غراهام، إن استراتيجية الرئيس لردع التصعيد “فشلت فشلاً ذريعاً”. ودعا إلى ضرب “أهداف ذات أهمية داخل إيران” – وهو احتمال يخشى العديد من خبراء الأمن القومي أن يجر الولايات المتحدة إلى حرب كارثية.

وأضاف غراهام: “الشيء الوحيد الذي يفهمه النظام الإيراني هو القوة”. وإلى أن “يدفعوا ثمن بنيتهم ​​التحتية وأفرادهم، فإن الهجمات على القوات الأمريكية ستستمر”.

من جانبه، قال كبير الديمقراطيين بلجنة القوات المسلجة بمجلس النواب آدم سميث: “لا يبدو أن إيران تأمر مباشرة بشن هذه الهجمات”، مضيفاً “يجب علينا أن نرد”.

من جانبه، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة لشبكة “إي بي سي”: “نعتقد أن إيران لا تسعى لحرب معنا رغم رغبتها بمغادرة قواتنا للعراق”.

أشخاص يتجمعون في مكان الانفجارات التي وقعت خلال مراسم الذكرى الرابعة لاغتيال سليماني – 3 كانون الثاني 2024 (رويترز)

ما إمكانية انتقال التصعيد إلى ما هو أكبر؟

السؤال الذي على الجيش الأميركي أن يجيب عليه هو كيف وصلت تلك المسيرات الإيرانية إلى قاعدة أميركية مزودة بمضادات طائرات وتقنيات متطورة؟

وبغض النظر عن ذلك فإن المرجح أن الرد الأميركي قد يكون قوياً ضد الميليشيات الإيرانية ومصالح طهران، ولكنه لن يتطور إلى ما يشبه الحرب، باعتبار أن جميع الأطراف تبدو متفقة على “قواعد اشتباك” لم تتجاوزها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.

حزب الله اللبناني أقوى الميليشيات الإيرانية في المنطقة لم يدخل الحرب بشكل مباشر، إنما حافظ على “قواعد اشتباكه” مع إسرائيل عبر استهدافات تبقيه داخل الصراع لكن خارج نطاق الحرب بمفهومها العسكري التقليدي.

والحال نفسه مع الميليشيات الإيرانية والعراقية المنتشرة في سوريا والعراق إلى جانب ميليشيا الحوثي في اليمن، جميع تلك الميليشيات تستهدف القوات الأميركية فيما يظهر كجرأة على أقوى دولة في العالم، إلا أنه لا يشكل ذلك التهديد لاستراتيجيات واشنطن وخططها.

وتكشف التصريحات الأميركية جميعها، أن واشنطن لا تريد أي تصعيد يصل إلى إعلان حرب في المنطقة.

في المقابل، يبدو أن إيران بصدد جر الأردن إلى معركة أوسع، في ظل العمليات العسكرية التي تضطر عمان لتنفيذها في داخل الأراضي السورية لاستهداف تجار المخدرات ومصانع الكبتاغون التابعة للنظام السوري وإيران وحزب الله، والتي أدت مؤخراً لمقتل مدنيين.

والجديد أن تجارالمخدرات يعملون على تهريب أسلحة إلى داخل الأردن، بغطاء المخدرات والكبتاغون، الأمر الذي شكل تهديد قومياً لأمن المملكة ودفعها لتحرك أشد حسماً أدى إلى اعتقال العديد من التجار والمهربين وضبط شحنات مخدرات وأسلحة.

 



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى