اليمن
أخر الأخبار

أب يضرب رأس أبنه الكفيف بالعطيف

أب يضرب رأس أبنه الكفيف بالعطيف

 

أب يضرب رأس أبنه الكفيف بالعطيف

شبكة المحيط الإخبارية //

 

رسالة من الكفيف يوسف لوالده الذي ضرب رأسه بالفأس.

مرحباً أبي: أنا يوسف ابنك الكفيف الذي ضربت رأسه بالعطيف فكسرت رأسه وأصبت جزء من دماغه.

دعني أكتب لك هذه الرسالة بدموعي فهي أكثر غزارة من دمائي التي أسلتها أنت وأخي ابن خالتي، أكتب لك هذا من على سريري في مستشفى الجمهوري حيث ترقد جثتي أما روحي فقد مزقتها، لقد أجريت لي عمليتين في رأسي ولا أشعر بأي إحساس في الجانب الأيسر من جسمي – لا أدري هل أصبحت مشلولاً وكفيفاً في نفس الوقت؟ لقد قتلتني يا أبي بدم بارد وبكل سهولة.

كنت كفيفاً أستنكف عن حمل العصا البيضاء أو قل لا أحتاجها وفي تحركاتي يعتقد الكثيرون أنني أبصر وحينما يعرفون أنني كفيف يشيدون بي وبأسرتي التي منحتني كل تلك الثقة، والآن ماذا أقول لهم! هل أقول لهم بأن أبي فقط لم يعني على الحياة بل أرداني مشلولاً وحطم مستقبلي؟.

نعاني كمكفوفين في هذه البلاد التي لا تهيئ لنا شيء، نعاني لكننا نتجاسر على أوجاعنا ونكابر لنعيش ونقول للعالم أننا مثلكم رغم أن الظلام والإحباط وقلة الفرص والمعوقات في كل مكان، نكابر ونواجه متاعب الحياة بشموخ ونذهب إلى جامعاتنا بمفردنا، نذهب للتسوق ونحضر المناسبات بمفردنا ونصافح في طرقنا أعمدة الإنارة ونضحك حين نسقط في أي حفرة فيضننا العابرون مجانين لكننا سكارى بنخب عزتنا ، لكن الآن حينما أخرج مشلولاً كيف لي أن أعيش كل تلك التفاصيل.

لماذا لم تقتلني يا أبي فلن يقتلوك بي؟، لماذا فعلت بي أكثر من القتل؟ لماذا جعلتني مشلولاً وأعمى، لو قتلتني لتحملت نفس واحدة لكنك بهذا تقتلني في اليوم ألف مرة.

أنت تعرف يا أبي أنني لم أكن عبأاً عليك وأنني كنت عصامياً وكنت أؤدي ما يؤديه أخوتي من الواجبات بكل جدارة، تعرف أنني كنت أخدم الجميع في بيتنا وكثيراً ما استدنت من أصدقائي للوقوف مع أي شخص في البيت يعاني من أي أزمة مالية وهذا واجبي وأن لا أمُن لكن لماذا تجازون وقوفي معكم بكل هذا.

زملائي المكفوفين منذ قبل الأمس لا ينقطعون عن غرفتي في المستشفى بل هم في هذه اللحظة إلى جواري، زملائي المكفوفين الذين يلمسون وجهي بأيديهم ويبحثون خلسة عن يدي أو رجلي اليسرى ليطمئنوا على حركتي وأني لن أكون مشلولاً، ويحهم زملائي الأوغاد كيف يكذبون علي، يخبرونني أن قدمي حية وأني فقط أحتاج إلى علاج طبيعي ويؤكدون لي بعدها أنني سأجري معهم، زملائي الطيبون المخلصون الأوفياء يحاولون صناعة النكتة والمزاح معي لكنني لم أخذلهم لقد ضحكت معهم كما أرادوا وتصنعت أني أقهقه حينما مزحوا معي بأنهم سجلوا هذياني أثناء التخدير بعد خروجي من العملية، لقد ضحكت مع زملائي المكفوفين كما أرادوا لأنهم يجتهدون لصنع ابتسامتي، لقد ضحكت معهم رغم أني أتمزق من داخلي، حينما قهقهت كنت أرضيهم إلى أن قلبي كان يتقطع فما الذي فعلته حتى أصير أعمى ومشلولاً؟!.

أخيراً: أبي هل ارتاح ضميرك بأن جعلتني مشلولاً وبدلاً من نظرات الإعجاب بي وبك تخترق قلبي نظرات المواساة والرحمة. أخي وشقيق ظهري: لقد كسرت ظهري ولم تكن سنداً ولكن هاك دموعي خذها واغترف من دمائي التي أسلتموها واغسل بها غدرك، اغسل بدمي عار غدرك ولا تخبر أبنائك بأنك شاركت في جعل عمهم الكفيف مشلولاً حتى لا يكبر الأطفال على الغدر. اكذبوا على الأطفال بأسرتنا وقولوا لهم أنني أصبت بحادث ما حتى لا يتخلوا عن إنسانيتهم مبكراً. أنا مضطر أن أتوقف فهناك مجموعة من زملائي المكفوفين قادمين لزيارتي وعلي ألا أخذلهم فقد تعودوا علي مبتسماً ومزاحاً، وعند الله تجتمع الخصوم.

 

بقلم: أبراهيم محمد المنيفي .

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى