الجزائر

التكتل المغاربي الجديد يمر للسرعة القصوى لتجسيد قرارات الرؤساء في الميدان


صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .

■ من اجتماع تونس إلى إتفاقية الحكومات بالجزائر ..خبير يشرح أفاق الاتحاد المغاربي الجديد 

في ظل تواصل جمود اتحاد المغرب العربي، الذي يتواجد في حالة موت سريري منذ سنوات طويلة، احتضنت تونس، الإثنين الـ22 من أفريل 2024، قمة مغاربية  تشاورية ثلاثية جمعت الرئيس التونسي قيس سعيّد، والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد يونس المنفي.

هذا اللقاء، الذي جاء بعد لقاء أولي احتضنته الجزائر على هامش القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة بالجزائر ما بين 29 فيفري و2 مارس، يقدّم إشارات إيجابية عن سعي قادة الدول الثلاث إلى تأسيس تكتل مغاربي  جديد، قادر على إعطاء ديناميكية أكبر للعلاقات بين بلدان المنطقة على كافة المستويات، وفي شتى المجالات، إلى أن تصبح العلاقة تكاملية بين الدول الثلاث ( الجزائر ، تونس و ليبيا) .

ويبدو أنّ الرؤساء عبد المجيد  تبون و قيس سعيّد و محمد  يونس المنفي، عملوا في البداية على إبعاد كل العوامل التي أدت إلى فشل التكتل الذي تأسس سنة 1989، ولم يقدّم أي جديد لدوله الخمس، وهذا ما يفسّر استبعاد المغرب، خاصة أنّ هناك إجماع بين قادة الدول المغاربية، أنّ النظام المغربي يغرّد خارج السرب، بعد اتجاهه إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، فالمغرب هي الدولة الوحيدة في المنطقة المغاربية، التي تمتلك علاقات مع الكيان الصهيوني، بل أكثر من” علاقة “بعدما تحولت إلى “حلف” على حساب بلدان المنطقة المغاربية ، وهو ما يصعب من تواجد المغرب في هذا التكتل ، كما أنّ السياسة التوسعية للرباط واعتمادها على أساليب مشبوهة في سياستها الخارجية يجعلها موضع ريبة، ولهذا لا يمكن بناء مغرب عربي قوي وأحد أطرافه يدوس على كل الأعراف، وينتهك حق الجيرة، ويستقوى بأول عدو للعرب والمسلمين بجلبه للمنطقة.

وبخصوص موريتانيا، فالكثير من المراقبين يؤكدون أنّها قضية وقت فقط للحاق بالثلاثي، خاصة أنّ القضايا المطروحة في المرحلة الأولى مرتبطة بالحدود المشتركة بين البلدان الثلاث، على غرار محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والمياه الجوفية، وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعد اللقاء الأول بالجزائر اتصل بالرئيس الموريتاني  محمد ولد الغزواني، لاطلاعه على تفاصيل اللقاء، وهذا ما يؤكد أنّ نواكشوط لا تعارض بناء هذا التكتل الجديد، عكس ما يروج له “المخزن” وإعلامه، الذي وجد نفسه معزولا، وهذا قد يكون أول الدواء لبناء مغرب عربي قوي وموحد كما تتمنى شعوبه.

ومع ذلك، فإنّ قادة الدول الثلاثة، أبقوا الباب مفتوحا أمام أي عنصر جديد، قادر على تقديم الإضافة لهذا التكتل الجديد، كما أنّ اجتماع تونس وقبله اجتماع الجزائر، لم يكونا أبدا ضد أي طرف آخر، وهذا ما يؤكده، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر3، الدكتور سليمان أعراج، الذي قال للصحيفة الإلكترونية “الجزائر الآن”، أنّ البيان الختامي “حمل جملة من الرسائل السياسية المهمة، على رأسها أنّه ليس ضد أي جهة معينة، وأنّه لقاء منفتح على كل الإرادات التي تسعى للانخراط في صناعة الاستقرار وكل ما يخدم المصالح المشتركة لدول المنطقة”.

ويرى الدكتور أعراج أنّ “لقاء الثلاثية بين الجزائر وتونس وليبيا هو لبنة من لبنات صناعة الاستقرار وهو اجتماع يُراهَن عليه في المساهمة في رسم  المشهد التعاملي والتكاملي بين دول المنطقة في إطار مجابهة التحولات الحاصلة وفي إطار العمل المشترك الذي تنخرط فيه الجزائر وتدعمه تونس وليبيا”.

كما يعتقد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر3 أنّ لقاء الرؤساء الثلاثة، ما هو إلّا لبنة من لبنات “التأسيس لمنتدى تعاوني وتكتل يعمل على ضبط معادلة الشراكة في شقها الاقتصادي التنموي وحتى في  المسائل الأمنية ومستقبل المنطقة”، في ظل ماتعيشه وتواجهه من تحديات ومن أجندات خارجية.

وشدد الدكتور أعراج على ماجاء في البيان الختامي لقمة تونس، من خلال التأكيد  على رفض المجتمعين لكل “أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا”، مشيرا إلى أنّ هذه الخطوة تؤكد “النهج المشترك والفهم المشترك” لمختلف  التحديات.

وأنهى الدكتور سليمان أعراج حديثه لـ”الجزائر الآن” بالتأكيد على أنّ اللقاء الثلاثي الذي جمع الرؤساء تبون، سعيّد والمنفي،  حمل إشارات إيجابية على إمكانية تحقيق تنسيق وتعاون مشترك من شأنه أن “يصنع ارضية تكامل وتعاون تخدم المنطقة وشعوب المنطقة وتنأى بها عن مختلف التجاذبات”

■ أولى خطوات العمل المغاربي المشترك بين البلدان الثلاثة تبدأ اليوم

بدأت ثمار اللقاء الثلاثي بين رؤساء الجزائر، تونس وليبيا تؤتي ثمارها، مبكرا، فبعد مخرجات لقاء القمة الذي جرى، الإثنين بتونس، باشرت حكومات البلدان الثلاثة أعمالها التنسيقية والتشاورية، لبعث مغرب عربي حقيقي، بعيدا عن الشعارات السياسية الجوفاء التي تميّز الاتحاد المجمد.

وفي هذا الإطار وقعت الحكومات الثلاث، اليوم الأربعاء 24 أفريل 2024، بفندق الشيراتون بالجزائر العاصمة، اتفاقية مشتركة من أجل إنشاء آلية للتشاور حول المياه الجوفية المشتركة على مستوى الصحراء الشمالية.

يذكر أنّ المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا تمتد على مايزيد عن مليون كلم مربع يوجد أغلبها في الجزائر، وتبلغ حصة الجزائر  من طبقة المياه الجوفية المشتركة تمتد على مساحة 700 ألف كلم مربع فيما تتقاسم تونس وليبيا المساحة المتبقية بحوالي 80 ألف لتونس و250 ألف لليبيا .. وقدر كمية المياه بها بحوالي 60 ألف مليار متر مكعب منها 40 ألف مليار متر مكعب موجودة بالجزائر، في حين أنّ نسبة تجديد تلك المياه ضئيل جدا ولا يتعدى مليار متر مكعب سنويا.

الدول الثلاثة تستخرج سنويا 2.7  مليار متر مكعب من المياه الجوفية تستفيد الجزائر من مليار و700 ألف متر مكعب بينما تصل الكمية المخصصة لتونس إلى 600 ألف متر مكعب فيما تستخرج ليبيا 400 ألف متر مكعب.

وحسب الدراسات، فإنّ عمر تلك الموارد في حال استخراج 8 مليار متر مكعب من المياه سنويا يمكن أن يمتد إلى 5 أو ستة قرون مقبلة .

 



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى