الجزائر

حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالآن”:”الرياضة ليست كرة القدم فقط ! ” – الجزائر الآن


الجزائرالآن_ كتبت قبل ايام عن اهمية كرة القدم التي لم تعد مجرد لعبة تتقاذفها الأرجل، بل صارت سياسة وثقافة وصناعة واستثمار،  لكن الرياضة بدورها لم تعد تقتصر على كرة القدم ، بل تعدت ذلك الى العناية بعديد الرياضات من باب الاهتمام والاستثمار من خلال بناء المنشأت وتنظيم الأحداث الرياضية المختلفة، والاستجابة لاهتمامات شرائح كبيرة بمختلف أنواع الرياضات التي تبقى بدورها وسيلة ترفيه و تعبير وتحقيق الذات في المنافسات الرياضية الكبرى على غرار الألعاب الأولمبية وبطولات العالم، والمسابقات القارية والجهوية في الرياضات الفردية والجماعية التي تبقى تحضى باهتمام كبير في الأوساط الشعبية ، حتى ولو تراجع الاهتمام الإعلامي بها .

صحيح أن كرة القدم في الجزائر خطفت كل الأنظار الرسمية والجماهيرية والاعلامية، واستقطبت المعلنين وقليلا من المستثمرين فيها ، وصار رحيل مدرب وطني ومجيء آخر يشكل قضية رأي عام بكل تجاذباتها ، وهو أمر عادي وطبيعي في مجتمع ساد فيه الاعتقاد أن كرة القدم هي كل شيئ، مقارنة بباقي الرياضات التي صارت ثانوية تتخبط في مشاكل تنظيمية ومادية وفنية كبيرة رغم شعبيتها وعدد ممارسيها الكبير على غرار الرياضات القتالية و الجودو والمصارعة والكاراتيه والملاكمة والسباحة، والرياضات الجماعية الأخرى، مثل كرة السلة، كرة اليد والكرة الطائرة التي كانت الى وقت قريب تصنع أفراح الجزائر في المحافل الدولية.

الرياضات الفردية كانت دائما صاحبة التتويجات الكبيرة في الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية والقارية خاصة في العاب القوى التي أحرزت على 16 ميدالية أولمبية من بينها ستة ذهبيات ، دون أن ننسى الملاكمة والسباحة ، رغم أنها رياضات لا تتطلب إمكانيات ومرافق كثيرة ، وكانت دائما تتوفر على مواهب خارقة ، ضاع أغلبها وسط الطريق بسبب نقص الاهتمام والتوجيه والتأطير ، وضعف ميزانيات الاتحادات التي تشرف عليها، وعدم اهتمام الهيئات الرياضية بما فيها وزارة الشباب والرياضة منذ عشرات السنين ، والتي لم تقدر على صيانة وتسيير المرافق التي شيدتها الدولة في كل ربوع الوطن ، وضاعت بسبب الإهمال وسوء التسيير.

الرياضات الجماعية بدورها كانت صانعة أفراح الجزائر منذ الاستقلال خاصة في كرة اليد، التي نالت مؤخرا المركز الثاني في بطولة كأس أمم أفريقيا في القاهرة رغم قلة الامكانيات وتراجع الاهتمام بها وبأنديتها ولاعبيها ، حتى أننا لم نعد نسمع عن تلك المباريات الكبيرة في أكبر القاعات المتعددة الرياضات بسبب تذبذب المسابقات الوطنية، وتراجع الاهتمام بالفئات الشبانية حتى على مستوى الفرق الكبيرة التي تراجع صيتها ودورها في الاهتمام بالمواهب وتطوير قدراتها بما في ذلك فريق مولودية الجزائر التي كان الى وقت قريب خزان المنتخبات الوطنية في مختلف الرياضات الفردية والجماعية.

قد يقول البعض أن التراجع مس حتى أندية ومنتخبات كرة القدم رغم جماهيريتها وتسليط الإعلام عليها، وهو أمر حقيقي ، لكن الرياضات الفردية والجماعية الأخرى لا تقل أهمية عن كرة القدم، وعدد ممارسيها يقدر بمئات الآلاف على كل المستويات بما في ذلك البلدية ، وهي الأقرب لتحقيق ميداليات عالمية أو أولمبية بتكلفة أقل من الأموال التي تلتهما الكرة لأجل تمويل استقدام اللاعبين عوض بناء مراكز التدريب والتكوين والمرافق التي تهتم بالمواهب و تساهم في تطوير الممارسة وتكوين الرياضيين والمؤطرين واجراء التربصات داخل الوطن وخارجه للاحتكاك بالمستوى العالي. 

صحيح أن الكرة لم تعد مجرد لعبة، لكن الرياضة لا تتلخص في كرة القدم، وحتى وزارة الشباب والرياضة لا يجب أن تبقى وزارة الكرة، ولا حتى وزارة الرياضة فحسب بل وزارة تهتم بالشباب والرياضة على حد سواء ، ما يقتضي منحها الأهمية الكبرى على غرار مجالات أخرى هامة ذات الصلة بكل أفراد المجتمع ذكورا واناثا، في بلد يملك الإمكانيات البشرية والمادية والطبيعية للقيام بالواجب تجاه شبابنا الممارس والمتابع والمهتم على حد سواء، والاهتمام بالممارسة الرياضية الجماهيرية التي صارت ذات أهمية بالغة في الحفاظ على صحة الناس والترفيه عنهم، لذلك وجب تشجيعها وتوفير حاجياتها على قلتها وبساطتها.



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى