الجزائر

تقرير يكشف خطط الإمارات العسكرية لنشر قواعدها العسكرية بثمانية بلدان


صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .

الجزائرالٱن _ رصدت دراسة بحثية نشر دولة الإمارات قواعد عسكرية في ثمانية بلدان لخدمة مخططاتها في كسب النفوذ والتوسع المشبوه لا سيما في منطقة البحر الأحمر.

وأبرزت دراسة لمركز “كارنيغي” للسلام الدولي، إنشاء الإمارات منذ منتصف 2010، قواعد عسكرية في كل من اليمن وإريتريا وأرض الصومال وبونتلاند (أرض البنط) والصومال، وتشاد وليبيا ومصر.

وذكرت أنّه في ظل تدهور الوضع الأمني في منطقة البحر الأحمر نتيجة استمرار الهجمات الحوثية على السفن المارة في هذا الممر البحري الحيوي، تزايد الاهتمام الدولي ببناء قواعد عسكرية ومراكز حماية متقدمة لتعزيز السيطرة على واحد من أهم الطرق الاستراتيجية في العالم.

وأشارت الدراسة، إلى أنّ أبوظبي تسعى لبسط نفوذها في منطقة البحر الأحمر وسواحل إفريقيا الشرقية عن طريق نشر شبكة من القواعد العسكرية التي تختلف عن نظيراتها التقليدية التي تسعى عادةً لاحتواء القوى المجاورة أو ردع الهجمات الخارجية.

وتناولت تقارير نشرتها وكالة أنباء “أسوشييتد برس” في مارس، أنباء عن بناء مهبط طائرات جديد في جزيرة “عبد الكوري” التابع لأرخبيل “سقطرى” الواقع في خليج عدن في اليمن.

وفي حين لم تعلن أي دولة مسؤوليتها عن عمليات البناء تلك، إلا أنّ أبوظبي ظهرت كمرشح رئيس بسبب نشاطها المشهود خلال العقد الماضي في بناء مواقع عسكرية أمامية مماثلة، بشكل غير معلن، لتعزيز أهدافها العسكرية والأمنية والاقتصادية في المنطقة.

وعادة ما تقوم ببناء قواعدها العسكرية من الصفر أو تعمل على توسعة المنشآت الموجودة بالفعل أو الحصول على امتياز استخدام مؤقت في الدول الحليفة.

ويساعد نمط التخطيط المرن هذا على تقليل التكلفة المادية التي تتطلبها تلك المنشآت عادةً فضلاً عما يقدّمه من مزايا عملية أخرى خاصة في المناطق التي تنتشر فيها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة كاليمن والعديد من الدول الإفريقية.

وفي حين أنّ الإمارات لم تعترف علناً بوجود هذه القواعد، إلا أنّ تقارير وسائل الإعلام المستقلة وصور الأقمار الصناعية التي تتابع التحركات الإماراتية، وكذلك وثائق الأمم المتحدة، تؤكد ما تقوم به الدولة الخليجية.

وقد يُعزى هذا الحرص الشديد على السرية إلى تخوف الإمارات من اهتزاز مكانتها وسمعتها السياسية سواء بين السكان المحليين للدول التي تتوسع بها عسكرياً، والذين قد يعارضون الوجود الإماراتي، أو في أرجاء المجتمع الدولي عندما يتم استخدام المنشآت الإماراتية في دعم طرف من الأطراف المتحاربة في البلدان التي مزقتها النزاعات.

استراتيجية إماراتية في التعامل القواعد العسكرية

وأشارت الدراسة إلى أن التغييرات في القواعد العسكرية الإماراتية في الخارج تعكس التغير في منظور السياسة الخارجية الإماراتية منذ عام 2011. فلا يخفى على أحد أن أبوظبي عادةً لا تتردد في المسارعة بنقل عتادها العسكري عندما تتغير أولوياتها الإقليمية.

وفي أعقاب ثورات الربيع العربي، وخاصة بين الأعوام 2016 و2019، تمكنت المواقع العسكرية الإماراتية الحيوية، مثل قاعدتي “الجفرة” و”الخادم” الجويتين وقاعدة “عصب” العسكرية، من تقديم الدعم اللوجيستي الذي احتاجته أبوظبي والقوات المتحالفة معها في ليبيا واليمن.

وعندما انتهى التدخل الإماراتي في هذه الحروب، تم تفكيك هذه القواعد أو تحويلها لاستخدامات أخرى كما حدث في قاعدة “بربر” العسكرية التي كان من المقرر إقامتها في أرض الصومال والتي تم تحويلها إلى مطار مدني.

قد يكون الهدف الرئيس للإمارات من إنشاء تلك المواقع العسكرية خاصة في منطقة البحر الأحمر وغرب المحيط الهندي هو حماية الممرات المائية من الهجمات الحوثية والقرصنة الصومالية وتزايد نشاط تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية على الساحل الشرقي لأفريقيا.

ولدى الإمارات مصالح اقتصادية متنامية ليس فقط في الممرات المائية في البحر الأحمر ولكن أيضا في شرق البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.

لذلك لن تألوا جهدا لحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية على حد سواء في مواجهة أي مصدر من مصادر التهديد، وهو ما دفعها منذ عام 2023 إلى نشر قواعدها العسكرية ليس فقط في عبد الكوري اليمنية، ولكن في كيسمايو (الصومال) وأمجاراس على حدود تشاد مع السودان التي أنشأت بها قاعدة جوية، بحسب التحليل.

وتحرص الإمارات عادة على عقد اتفاقيات تعاون وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المحلية في الدول التي تعتزم إنشاء قواعدها العسكرية بها.

ومنذ عام 2012، دربت قوة الشرطة البحرية في “بونتلاند” على مكافحة القرصنة، وافتتحت قاعدة في مدينة “بوساسو” الساحلية في عام 2022.

وقبل أن تشرع في بناء مراكز عسكرية في كيسمايو وأمجاراس، وقعت الإمارات اتفاقيتين أمنيتين مع الصومال وتشاد، تشملان التزامها بتقديم التدريب العسكري لمكافحة الإرهاب.

مخاطر التمدد العسكري الإماراتي

لكن التوسع الإماراتي في بناء القدرات الدفاعية يحمل معه مخاطر لا يمكن تجاهلها حيث إنّه يضع القوات الإماراتية على خط المواجهة ويعرضها للاستهداف كما حدث في فيفري الماضي عندما قُتل ثلاثة جنود إماراتيين في الصومال على يد مقاتلي حركة الشباب في مركز تدريب في مقديشو.

وبعيداً عن المخاطر الأمنية، فإن الاستراتيجية الإماراتية في إنشاء القواعد العسكرية لها عواقب جيوسياسية مؤثرة خاصة في منطقة الخليج العربي.

إذ يؤجج النشاط العسكري الإماراتي شعلة التنافس على السلطة مع السعودية وقطر اللتين تشاركان الإمارات في بعض الأهداف الاستراتيجية مثل الحرص على توفير الأمن البحري وتقديم التدريب العسكري.

وأشارت الدراسة إلى الإمارات وقطر سعتا منذ عام 2011، إلى توسيع مجال نفوذهما في أرجاء القرن الإفريقي، وهو سعي تنافسي حاد احتواه استرجاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2021.

لكن الاتفاقيات الدفاعية والاقتصادية الأخيرة بين تركيا – والصومال أشعلت نيران المنافسة مجدداَ وتسببت في أن تقوم الإمارات بتعليق دفع الرواتب لعدد من وحدات الجيش الصومالي كرد فعل على الاتفاق وعلى هجوم حركة الشباب ضد قواتها.

وفي اليمن، تتقاسم والسعودية مناطق نفوذ عسكري مختلفة – أحياناً في نفس المحافظة – وتمول كلا الدولتين مواقع عسكرية تديرها القوات المحلية المتحالفة.

واختتم الدراسة بالقول: “على ما يبدو من بناء قاعدة عبد الكوري الجوية، فإنّ الإمارات لا تعتزم التخلي عن مخططاتها لإنشاء مراكز عسكرية تساعدها في الحفاظ على دورها العسكري في أفريقيا ومنطقة البحر الأحمر وتوسعته، ولكن هذا التوسع سيفرض على أبوظبي محاولة تحقيق التوازن بين طموحاتها الجريئة ومسؤولياتها الأمنية المتنامية كقوة متوسطة”



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى