سوريا

أين سوريا مما يجري؟!



كان الفلسطينيون ومعهم السوريون يمنون النفس بتوسع دائرة الحرب إلى خارج غزة لأن توسع دائرة المواجهة بغض النظر عن عدد المشاركين فيها ونوعيتها كانت ستساهم في تخفيف الضغط عن الفصائل الفلسطينية، وتقلل من حجم الإجرام الإسرائيلي، وبالنتيجة سيكون عدد الضحايا أقل بكثير.

لكن يبدو أن دول المنطقة غير مستعدة بعد للتضحية بمصالحها الضيقة لأجل المساهمة بوقف هذه المذبحة، وكشفت القمة العربية الإسلامية في السعودية التباينات الكبيرة بين مواقف الدول المشاركة في القمة، وأن كل دولة تنظر إلى ما يجري في فلسطين من زاوية مصالحها فقط من دون إدراك أن ما يحدث في غزة  تداعيته حتماً لن تبقى في غزة.

سورياً؛ كان من الأفضل توسع الصراع لأنه يخلق ديناميات جديدة وربما تحالفات جديدة يعود من خلالها الشأن السوري ليكون حاضراً وفاعلاً، فالجغرافيا السورية تحفل بالفاعلين ممن لهم جيوش وقواعد عسكرية ونفوذ كبير، وأي صراع إقليمي جديد لا بد أن تكون هذه الجغرافية مسرحاً له، بالعموم أي حالة استقرار في المنطقة لا تفيد السوريين لأنها تشير إلى استقرار خدّاع وهمي، وأي اشتباك بين دول الإقليم سواء كان سياسيا أو عسكريا سيعود بالفائدة على الشأن السوري لأنه ببساطة ينسف سردية النظام وداعميه ومعهم قوى الثورات المضادة والتي تقول إن “سوريا الأسد” انتصرت!

عقد الائتلاف اجتماعا مع بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا وتم خلال هذه الاجتماعات تقديم رؤية المعارضة للحل السياسي في سوريا، والذي أكدت فيها على تطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤ بشكل حرفي

مؤخراً كان هناك حراك سياسي نشط للمعارضة وعقدت عدة لقاءات مع الدول الفاعلة في الملف السوري، حيث عقدت هيئة التفاوض اجتماعها الدوري في جنيف وجرى خلاله عقد اجتماع مع مبعوثي الدول إلى سوريا شارك به كل من ممثلي الولايات المتحدة وقطر وتركيا ومصر وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وسويسرا وشارك أيضا ممثل الاتحاد الأوروبي، وشاركت هيئة التفاوض أيضا بعدها في اجتماع اللجنة السياسية والأمنية لمجلس أوروبا. بدوره عقد الائتلاف اجتماعا مع بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا وتم خلال هذه الاجتماعات تقديم رؤية المعارضة للحل السياسي في سوريا، والتي أكدت فيها على تطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤ بشكل حرفي.

يعقد في الدوحة يوم السبت المقبل منتدى الدوحة السنوي والذي يجمع قادة الرأي وصناع السياسات في العالم، وستكون سوريا حاضرة هذه السنة عبر جلسة خاصة لنقاش سبل الحل في سوريا يشارك بها كمتحدث رئيسي رئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة، ويشارك فيها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن والممثلة الخاصة للملكة المتحدة آن سنو، ويديرها الباحث شارز ليستر.

تخصيص جلسة عن سوريا في نسخة هذا العام يشي بعودة قطرية للانخراط أكثر في الشأن السوري ومجرياته، سياسياً كان الموقف القطري صاحب السقف الأعلى لجهة رفض التطبيع مع نظام الأسد وقطر لم تتخلَّ عن دعم المعارضة، لكن في السنوات الأخيرة ونتيجة للمتغيرات ولظروف عدة منها ضغط معظم الدول العربية لأجل تعويم النظام ثم أعادت له مقعد سوريا في الجامعة العربية، بعد أن سحب منه في القمة العربية التي عقدت بالدوحة قبل عشر سنوات، وأيضا للمتغيرات التي حدثت في تركيا سواء الداخلية أو لجهة محاولات التطبيع مع نظام الأسد، هذه العوامل قللت من فاعلية الدور القطري.

ستنعكس عودة قطر لتكون فاعلة مثل ما كانت قبل سنوات على وضع المعارضة سياسياً وخدمياً في الشمال الذي يعاني كثيرا نتيجة للفوضى الحالية

عودة قطر صاحبة السقف الأعلى تجاه رفض الأسد لتكون فاعلة في الملف السوري إلى جانب تركيا سيكون لها أثر إيجابي كبير لجهة تقوية المعارضة، فالاستفراد التركي بمصير المعارضة في السنوات الأخيرة لم يجلب للمعارضة شيئا وبطبيعة الحال تركيا بحاجة إلى حلفاء عرب، ونتيجة للعلاقات التركية القطرية الخاصة والشراكة الاستراتيجية بينهما ستنعكس عودة قطر لتكون فاعلة مثل ما كانت قبل سنوات على وضع المعارضة سياسياً وخدمياً في الشمال الذي يعاني كثيرا نتيجة للفوضى الحالية، والتي صارت مشكلة لا يمكن تجاوزها، وهي بحاجة إلى جهود كبيرة من المعارضة والجانب التركي بطبيعة الحال، وأيضا وجود قطر مهم لجهة تمويل مشاريع بنية تحتية تساهم في تحسين واقع الشمال.

مع استمرار مظاهرات السويداء بذات الزخم وهي تقترب من شهرها الرابع، ومع إصرارها على أن يكون الحل السياسي ضمن القرار ٢٢٥٤ أي إن مطالب حراك السويداء هي ذاتها مطالب كل السوريين، ومع الاحتجاجات المتصاعدة في منطقة الجزيرة ومؤخراً في منبج ضد سياسات ميلشيات قسد، والتي تستهدف المدنيين ستكون هناك فرصة أمام المعارضة بمختلف مؤسساتها، لأجل شرح أفضل للواقع السوري، وأيضاً لاستجلاب دعم جديد لتقوية الداخل السوري، خصوصاً بعد فشل كل المسارات السياسة التي كان يُعول عليها، الحل السياسي النهائي يبدو اليوم مستحيلاً في ظل الظروف والمعطيات الحالية، روسيا التي ترتكب الجرائم اليوم في أوكرانيا بعد أن دكت مدن سوريا، وارتكبت المجازر فيها، تتحدث بكل صفاقة عن دعم أميركا للاحتلال وتدافع عن المجازر في فلسطين، في وقت تدعم فيه أميركا ومعها كل الغرب جرائم الاحتلال في فلسطين، لكنها في ذات الوقت تتحدث بصفاقة مماثلة لصفاقة روسيا عن جرائم الأخيرة في أوكرانيا!

كل هذه المعطيات تؤكد استحالة حدوث أي حل سياسي، وأن الوضع القائم في سوريا سيستمر لسنوات قادمة، ومن هنا تأتي أهمية تقوية جبهة المعارضة وأول خطوة يجب أن تبدأ من الشمال.. الحل يكمن في حل مشكلاتنا في الشمال.

شارك هذا المقال



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى