سوريا

مدارس “المحسنية” والتغلغل الإيراني الناعم في قلب دمشق


أدرك الإيرانيون منذ بدء مشروعهم التوسعي في سوريا أن الصدام مع المجتمع السوري لن يجدي نفعاً، بل سيؤتي أثاراً عكسية متمثلة بالنفور والرفض في ظل عدم وجود حاضنة وجدانية عقائدية لهم في سوريا كما في العراق؛ فأبناء الطائفة الشيعية من السوريين نسبتهم قليلة.

ومن استراتيجيات الحرب الناعمة التي يمارسها الإيرانيون، جعل السوريين يرتاحون لوجودهم ويألفونه بإعطائهم الانطباع بأن الإيرانيين ذوو سماحة مفرطة ولطف واضح وأن اختراقهم مفاصل المجتمع السوري جاء بهدف المساعدة والتطوير ملموس النتائج تحت مسمى “الحلفاء”.

المحسنية: مدرسة بمنهجية “ناعمة”

لا تظهر محاولات الإيرانيين لاختراق الأوساط التعليمية واستهداف العقول من خلال ممارسات فجّة أو مُعلنة بل من خلال اجتذاب أفراد المجتمع المستهدف بدون إحداث جلبة أو إثارة انتباه.

وقد أثبتت جمعية المحسنية التي أسسها محسن أمين وسط دمشق القديمة ويشرف عليها الآن عبدالله النظام، نجاح التجربة الناعمة لإيران بنشر التشيع وتصدير الثورة واختراق المجتمع تحت غطاء تعليمي وإنساني.

ويأتي ذلك النجاح بالقياس إلى عاملين أساسيين:        

  • الوقت: فالحرب الناعمة التي يمارسها أتباع الفقيه هي حرب النَّفَس الطويل؛ وهو ما يثبته نجاح المدارس المحسنية منذ تأسيسها عام 1902 وحتى الوقت الحاضر.
  • قياس الأصداء والتفاعلات من الأعداء من جهة، ومن الفئة المستهدفة من جهة ثانية، سواءً أكانت أصداء إيجابية أم سلبية؛ فق استطاعت المدرسة المحسنية بأساليب مدروسة استقطاب عدد كبير من الطلاب السوريين على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم الدينية.
43

توسع تعليمي واستقطاب كبير

بدأت مدرسة المحسنية بفرع واحد (للبنين) في حي الأمين بدمشق القديمة عام 1902، وتوسعت بافتتاح فرع آخر (للبنات) في عام 1923 والتي تحمل اسم “المدرسة اليوسفية”، ليتم لاحقاً افتتاح فرعين آخرين في عام 2021 بعقد استثمار من وزارة التربية، وهما مدرسة: سنا المحسنية للإناث (منطقة ابن عساكر، بالقرب من كراج السيدة زينب)، ومدرسة سما المحسنية للبنين (كفرسوسة: أحد معاقل الإيرانيين في دمشق).

ويأتي توزع المدارس في قلب دمشق بالقرب من المواصلات العامة، وفي أماكن يتجمع فيها الشيعة، مثل حي الأمين المعروف بغالبيته الشيعية، وكفرسوسة التي استولت عليها الميليشيات الإيرانية منذ بدء الحرب السورية.

هةه

استراتيجية ناعمة مدروسة الخطوات

تشترط المدرسة في تسجيلها للطلاب حصولهم على معدلات عالية ولا سيما في المرحلتين الإعدادية والثانوية، فيما عدا بعض الاستثناءات التي تندرج تحت “الواسطة” أو “الصدقة”.

أما الكادر التعليمي فهو من نخبة الأساتذة السوريين بسنوات خبرة لا تقل عن سنتين، ومن الحاصلين على شهادات الماجستير والدبلوم التربوي.

ويأتي إقبال الأهالي بمختلف طوائفهم على تسجيل أبنائهم في مدارس المحسنية لكونها ذائعة الصيت تعليمياً “فهي من المدارس الأفضل في دمشق”؛ الأمر الذي أدى إلى استقطاب عدد كبير من الأهالي الراغبين في رفع أو الحفاظ على سوية أبنائهم التعليمية، دون إدراكهم كيف يشكل ذلك نصراً للإدارة الشيعية الممولة من خامنئي.

سجلت أم علاء ابنها قبل عامين في مدرسة المحسنية بحي الأمين، وسيتقدم ابنها هذا العام لامتحانات شهادة التعليم الأساسي، وقد أوضحت لموقع تلفزيون سوريا أنها تعلم مُسبقاً بالطابع الشيعي للمدرسة لكنها تهتم قبل كل شيء بالعلم والمستوى التعليمي للمدرسة، تقول: “المهم أن يحب الدراسة ويحصد علامات جيدة في الامتحانات النهائية”.

  • الأُلفة الدينية: دس السم في العسل

يسعى القائمون على المدرسة إلى إظهار الاعتدال الديني وغياب الطائفية وقبول جميع الطوائف والأديان؛ وهي سياسة إيران المتبعة في سوريا لا في المجال التعليمي فقط بل في المجالات العسكرية والإعلامية وغيرها منعاً للاصطدام مع المجتمع الأصلي وحصداً للقبول والتوسع.

مصدر من الكادر التدريسي (اشترط عدم ذكر اسمه) أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن قبول الطلاب لا يشترط السؤال عن المذهب، وقبول الأساتذة أيضاً؛ إذ تضم المدرسة طلاباً من الشيعة وهم الأكثرية، ومن السنة والعلويين والدروز، إلى جانب وجود أساتذة مسيحيين، خاصةً أن المدرسة قريبة من منطقتي باب توما وباب شرقي؛ ذات الأكثرية المسيحية.

في حادثة يذكرها المصدر لموقع تلفزيون سوريا حول شجار نشب بين طالبين، أحدهما يشتم الحسين والآخر يشتم أبا بكر، يقول: “حينما انتشر خبر الخلاف والشتائم بين الطلاب، تحايلت الإدارة على المشكلة بوأدها في أرضها من خلال فصل الطالبين بشكل نهائي، وعادةً ما تتم جدالات طائفية بين الطلاب ومع أن معظمها لا يصل إلى الإدارة، لكن الجو الشيعي في المدرسة يفرض ذلك!”.

الجدير بالذكر أن إدارة المدرسة كانت قد عينت أستاذاً سنياً (طه جمعة) لتدريس مادة التربية الإسلامية لسنوات طويلة على الرغم من كون المدرسة شيعية؛ وذلك لتعزيز فكرة الطلاب والأهالي عن جو التآلف الديني وانعدام التفرقة.

مراسم إحياء ذكرى عاشوراء في بلدة نبل بريف حلب الشمالي

  • التركيز على مصالح المجتمع المستهدف

تركز الجمعية المحسنية في مدارسها ووفقاً لتقصٍّ قام به موقع تلفزيون سوريا من خلال مصادر داخل المدرسة، على استراتيجيات ثلاث:

  1. إبداء العمل الخيري “الشيعي” وسط دمشق ذات الغالبية السنية، عبر تقديم مساعدات مادية من خلال الجمعية، وقبول أبناء الفقراء وذوي الشهداء في المدرسة بحسومات معينة حسب حالة كل طالب، أو بشكل مجاني بالكامل لبعض الطلاب.

ويأتي منح التسهيلات المادية للطلاب المسجلين في الجمعية والمدارس مقابل كسب الولاء الشيعي ولا سيما بالنسبة للأصغر عمراً.

أحد الطلاب السابقين في المدرسة أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن صديقه (عدنان. أ) من منطقة جرمانا ودرس الثانوية في مدرسة المحسنية، التحق بعد انتهائه من البكلوريا بالدروس الدينية التي يعطيها أحد المعممين في شارع الأمين إلى جانب مشاركته الدائمة في تجهيز المناسبات الدينية في حي الأمين؛ ليتبين لاحقاً أنه تشيّع والتقى ببعض الحجاج اللبنانيين حسب أقوال عدنان نفسه لأصدقائه المقربين.

ل5ع6
  1. منح الأساتذة مرتبات أفضل بأضعاف من مرتبات الأساتذة في المدارس الحكومية؛ إذ تتراوح الرواتب بين 750 ألف ليرة سورية إلى ما يقارب المليونين ونصف ليرة سورية، حسب كفاءة الأستاذ وعدد سنوات الخبرة وعدد الساعات التدريسية.

عدا عن المكافآت والحوافز المقدمة للأساتذة في المناسبة الدينية؛ إذ يتم منح الأساتذة مكافآت تتراوح بين ربع ونصف مليون ليرة سورية في عيد المعلم وعيد الفطر، إلى جانب منحهم سلّات غذائية يتسلمونها عن طريقة جمعية الإحسان الكائنة في شارع أسعد فضة؛ وهو أمر غير مسبوق في مدارس دمشق ويأتي ذلك بغية ترغيب الأساتذة بالحصول على مكاسب مادية مقابل خدمة المشروع الشيعي تعليمياً.

  1. أقساط مدرسية مناسبة للفئة المتوسطة من المجتمع؛ إذ تعد مدارس المحسنية خاصّة لكن خاضعة لقوانين وزارة التربية، وبمقارنة أقساط الطلاب السنوية في مدرسة المحسنية مع المدارس الخاصة الأخرى مثل: مدرسة السعادة المشهورة في دمشق، نجد أنه بينما كان القسط السنوي للطالب في السعادة مليون و800 ألف ليرة سورية، كانت أقساط المحسنية مليون و200 ألف ليرة سورية عن كل طالب سنوياً؛ أي بفارق 600 ألف ليرة سورية آنذاك.

إلى جانب إقامة جلسات امتحانية تستهدف الطلاب من داخل المدرسة وطلاب المدارس الأخرى، وتكون رسوم هذه الجلسات رمزية لاستقطاب أكبر عدد خلال ذروة الامتحانات، وتعريفهم بمستوى المدرسة التعليمي وأساتذتها.

  1. حضور مسؤولي النظام لإشهار المدرسة

ركزت المحسنية على دعوة وزراء النظام إلى المدرسة وتوطيد العلاقات معهم، فقد قام وزير التربية السابق دارم الطباع بتكريم مساعي الجمعية المحسنية  وحضور تكريمات وأنشطة مختلفة أقيمت في حرم المدرسة.

فضلاً عن زيارة وزير السياحة (محمد المارتيني) إلى المدرسة وزيارة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل (لؤي المنجد) ومحافظ دمشق السابق (عادل العلبي).

وذلك لإظهار أهمية المدرسة التعليمية وموقعها التراثي من خلال اهتمام مسؤولي النظام بها وحضورهم الشخصي فيها.

ي5غ
(صورة يظهر فيها المارتيني والعلبي في باحة المدرسة المحسنية)

ويأتي ذلك ضمن منهجية المدرسة لتحسين سمعتها بين الأهالي فضلاً عن إظهار الطلاب المسجلين فيها على أنهم الأفضل بين بقية طلاب المدارس؛ فحضور الوزراء إلى المدارس هو أمر غير مألوف بالنسبة للسوريين؛ إذ عادةً ما يرسل الوزير وكيلاً عنه.

كما أوضح المصدر آنف الذكر، أن ابن معاون وزير الداخلة السابق (اللواء فايز غازي) يدرس في المدرسة، إلى جانب عدد من أبناء ضباط النظام من الطائفة العلوية، ومعظمهم مُسجلون “بالواسطة” لكون مستواهم الدراسي مُتدنٍّ ولا يتوافق مع شروط المدرسة.        

تكنيكات نشر التشيع ضمنياً

  • احتفالات في المناسبات الشيعية

 مثل إقامة مجالس عاشوراء والاحتفال بعيد الغدير في فسحة المدرسة وبحضور معممين من الشيعة وشخصيات إدارية في الجمعية المحسنية وأهالي الطلاب وطلاب المدرسة؛ وذلك بدعوة عامة لهم، كما تتضمن هذه المناسبات خطب دينية وتوجيهية يُلقيها المعممون، ونَدب غنائي، ومسرحيات تعبيرية يقدمها الأطفال، وسط تغطية إعلامية من الجمعية نفسها.

5ع78
  • مجلة “أضواء المحسنية”

وهي مجلة فصلية صادرة عن الجمعية المحسنية، يتم توزيعها في كل إصدار لها على جميع الطلاب في المدرسة مجاناً.

تتضمن المجلة إلى جانب المواضيع العامة، صفحات كاملة للتعريف بشخصيات شيعية من معممين وأساتذة و”أسياد” وذكر مسيرتهم وكيف أمضوا حياتهم في خدمة المشروع الإيراني التوسعي، مثل: علي الجمال، وعبد الله النحاس، السيد محمد حسين فضل الله، المعمم نبيل الحلباوي… وغيرهم.

وتأتي هذه المجلة كوسيلة تسويقية للمدرسة بين الطلاب والأهالي؛ ولا سيما بتسليط الضوء على الإنجازات الدراسية للطلاب وتكريمهم، إلى جانب صور لزيارات مسؤولي النظام إلى المدرسة مثل وزير السياحة ومحافظ دمشق السابق ووزير التربية السابق وغيرهم؛ للتأكيد على “ريادة” المدرسة الشيعية وأهميتها.

وبتصفح المجلة، ظهر جلياً تمرير رسائل التشيع بين السطور وخلال الصفحات، ولا سيما بتكرار سردية “المظلومية” التي يرددها الشيعة، وكون منهجهم هو منهج الحق والاعتدال الديني؛ التي يتم بها تغذية عقول الأصغر سناً.

798خ8
  • شخصيات فاعلة في المدرسة

يتم التأثير بالطلاب عادةً وبالأساتذة الجدد في المدرسة، من خلال بعض الشخصيات القديمة في المدرسة “شخصيات القدوة” التي فهمت المخطط الإيراني كاملاً خلال سنوات خدمتها الطويلة.

المصدر الآنف الذكر، أوضح لموقع تلفزيون سوريا، أنه عادةً ما يتم توجيه بعض الأهالي إلى الأستاذ فواز صندوق، وهو من الشخصيات البارزة في المدرسة؛ إذ يقوم بإجابة الأهالي عن توجهات المدرسة بشيء من التلفيق والكذب، وإيضاح معنى المذهب الشيعي الجعفري الأقرب للمذهب العلوي للطلاب عموماً سنةً وشيعةً، كما يقدم لهم نصائح دينية وإرشادات عقائدية، مع العلم أنه موجه مادة الفيزياء في المدرسة.

يقول المصدر: “لم يتوانَ فواز صندوق في إقناع بعض الأهالي بتسجيل أبنائهم في المدرسة مؤكداً أن المدرسة بعيدة عن التشيع أو التفرقة وأن العلم فيها هو الركيزة الأساسية، كما قام بتوضيح بعض الفروقات للطلاب عن مواضيع من العقيدة الشيعية وشرحَ لآخرين معنى الجعفرية وكيف ينتهجونها في حياتهم”.

  • سورة من القرآن بدلاً من تحية العلم!

في ظاهرة غريبة وغير مسبوقة في المدارس السورية، يبدأ الطلاب في مدرسة المحسنية يومهم بقراءة صفحة من القرآن بدلاً من أداء تحية العلم وترديد الشعار الذي يفرضه النظام في جميع المدارس العامة والخاصة.

ويرجّح الأستاذ آنف الذكر أن يكون ذلك من باب تأكيد الطابع الديني للمدرسة البعيد عن التعصب –بحسب ادّعائهم- وتطبيقاً لنهج المدارس العلوية الإيرانية في سوريا.

  • تمرير الرسائل للمدرسين

تدور بين الأساتذة الشيعة والأساتذة من بقية المذاهب، نقاشات حول الاختلافات بين “السنة” و”الشيعة” والقصص التاريخية المتداولة، وهو أمر وارد –حسب قول البعض- في أي مكان عمل مهما كان طابعه.

لكن الأمر الجدير بالانتباه هو ما أخبرنا به الأستاذ آنف الذكر حول تصريحات بعض المدرسين من خَدَمِة المشروع الشيعي؛ وهي تصريحات علنية يتم التعبير عنها في معظم النقاشات حول تمنياتهم بأن يتسع النفوذ الإيراني.

يقول الأستاذ: “في نقاش بين الأساتذة عن منهجية المدرسة وطرق تعاملها مع مشاكل الطلاب، قادنا الحديث إلى التمدد الإيراني في سوريا ومخطط تدريس اللغة الفارسية في المدارس الحكومية، فلم يتوانَ بعض الأساتذة من الشيعة في التعبير بشكل مباشر: “نتمنى أن يحكم الإيراني”، وهذا الكلام مكرر على ألسنة بعضهم لكن عادةً ما يتم رميه في أحاديث عامة وبابتسامة لطيفة حتى لا يبدو مقصوداً!”.

عبد الله نظام ودعم الخامنئي

أشارت عدّة تقارير صحفية إلى العلاقة الوثيقة بين الجمعية المحسنية وإيران؛ إذ يعتبر عبد الله نظام المسؤول عن استلام أموال خامنئي وتوزيعها عبر جمعيته واستثمارها في تنفيذ المشاريع المتفق عليها في سوريا؛ فقد وجد فيه الخامنئي ممثلاً عن مشروع تصدير الثورة الإيرانية في سوريا.

استطاع موقع تلفزيون سوريا تقصي حقيقة الأمر من خلال أحد الشبان الذين قاتلوا سابقاً في الفوعة، وانتقل لاحقاً إلى دمشق ليفتتح في منطقة السيدة زينب محلاً لبيع العباءات والفضة بالشراكة مع رجل آخر من ريف حلب.

 يقول (حسين. ش): “حين جئنا إلى دمشق مع عائلاتنا، كانت الوعود بتأمين مساكن لنا وإعطائنا مساعدات مادية وغذائية ولا سيما أننا خسرنا كل شيء قبل مجيئنا “جئنا بثيابنا فقط”، لكن سرعان ما تغير الأمر وأصبح الحصول على المساعدات مع الوقت مخصصاً لفئات محددة ويحتاج إلى معاملات طويلة، لنكتشف لاحقاً أننا أخذنا من الجمل أذنه –كما يُقال- وأن الأموال التي حولتها إيران بحجة دعم العوائل الشيعية المتضررة، استخدمت في فتح الاستثمارات وشراء العقارات، ولولا عملي الحالي لما استطعت دفع إيجار منزلي حتى، مع أنني قاتلت لسنوات واضعاً روحي على كفي”.

الجدير بالذكر، ووفق مصدر خاص من أحد أصحاب العقارات في حي تلة القاضي بمنطقة القيميرية بدمشق، أوضح أن عبد الله نظام قام بشراء عقارات في دمشق القديمة، وأكد لنا المعلومات المتداولة حول امتلاكه لبيت نزار قباني العتيق.

ويسعى نظام -وفق أقوال المصدر لموقع تلفزيون سوريا- إلى شراء البيوت ذات الطابع الدمشقي على وجه التحديد؛ لكونها تحمل قيمة تاريخية أثرية قابلة للاستغلال سياحياً.

كما يشرف عبدالله نظام على جامعة السيدة رقية المعترف بها من قبل وزارتي التعليم والأوقاف في سوريا، وكان على ارتباط مباشر بتمويل المراكز التابعة لمؤسسة “الدفاع المحلي” في سوريا؛ وهي المؤسسة المسؤولة عن الميليشيات المقاتلة تحت جناح إيران وعن المكاتب الإعلامية والثقافية التابعة لها في دمشق وحلب وحمص والمنطقة الشرقية.

وقد اعترف عبدالله نظام في أحد لقاءاته بدعم إيران للمشروع التوسعي في محيط مقام السيدة رقية في الشام القديمة، يقول نظام تحايلاً على حقيقة النفوذ الإيراني في سوريا: “… فالأمر مماثل لما يحصل من عمليات توسعة مقام السيدة رقية عليها السلام, فالإيراني تبرع في التوسعة وهذا المتبرع لا سلطة له”.

وقد أكد المصدر العقاري الآنف الذكر لموقع تلفزيون سوريا، أن عمليات “توسعة المقام” التي تحدث عنها نظام قد تجاوزت المقام أصلاً؛ فوصلت إلى حي العمارة والقيمرية وباب شرقي وساروجة وباب سريجة والمرجة؛ وهي مناطق حيوية وسط دمشق لكونها تضم مواقع دينية ومعالم سياحية وعدد كبير جداً من الفنادق والمنشآت السياحية.

يقول: “لا نتكّهن لكننا نقيس بناءً على الواقع، ولا سيما بعد أن ظهرت استثمارات لمطاعم وفنادق في دمشق القديمة من أشخاص غير سوريين وغير معروفين بالنسبة لأهل دمشق القديمة، وتبين أن هذه الاستثمارات عائدة لإيرانيين أو لبنانيين أو حتى سوريين شكلوا واجهة إيران في استثماراتها الخفية، مثل قصر النرجس ومطعم الباندا”.

ا67ه6

أموال إيران في خزينة وزارة التربية

منحت وزارة التربية التابعة للنظام في عهد الوزير (دارم الطباع) لجمعية المحسنية عقود استثمار في عام 2021 لمبانِ مدرسية خارجة عن الخدمة منذ أكثر من 10 سنوات، في منطقتي ابن عساكر وكفرسوسة، علماً بأن تكلفة ترميمها آنذاك تزيد عن 200 مليون ليرة سورية.

 تراوحت مدة عقود “استثمارات العقارات المدرسية”  بين 7 و 15 سنة، شريطة أن يلتزم المستثمر بالحفاظ على هذه المباني كمنشآت تعليمية ودفعه بدل الإيجار السنوي المتفق عليه في العقد، وإعادة ترميم وتأهيل هذه المدارس بما يصلح لاستعادة العمل التعليمي فيها، على أن تعاد هذه المباني لوزارة التربية بعد انقضاء مدة العقد.

وقامت الجمعية المحسنية بترميم هذه المدارس “الخاصة” مستغلةً أموال خامنئي الإيرانية؛ فأسّست مدرستي السما والسنا وجعلت المدرستين على سوية عالية من حيث البنية والتأثيث والكادر التعليمي.

ولم تسلم حتى الاستثمارات الإيرانية من عادة حكومة النظام بالاستيلاء على العقارات والاستحواذ على الاستثمارات النشطة، فبعد أن استقطبت مدرستا سنا المحسنية وسما المحسنية، آلاف الطلاب وصنعت كل منهما اسماً علمياً… أصدر وزير التربية الجديد عامر المارديني بتاريخ 23 آب 2023 قراراً بفسخ العقود مع الجمعية المحسنية دون سابق إنذار وإعطائهم مهلة حتى نهاية 2024 قبل استعادة المباني لصالح وزارة التربية.

علاقات متوترة أم قرارات اعتباطية

أثار قرار وزارة التربية حول فسخ عقود مدرستي السما والسنا، حنق عبد الله نظام الذي توعد عبر جمعيته المحسنية باللجوء إلى القضاء لضمان تنفيذ العقود، فيما تداول البعض أسئلةً حول أسباب هذا القرار المفاجئ وإذا ما كان لذلك دلالة على توتر العلاقات بين وكيل الخامنئي في سوريا وحكومة النظام السوري.

الجدير بالذكر، أن هذا ليس القرار الأول الذي يتخذه النظام لضرب استثمارات عبدالله النظام أو التقليل من قيمتها في سوريا، إذ سبق أن أصدرت وزارة التعليم العالي قراراً بتاريخ 23 تموز 2019 بمنع تدريس اختصاصات العلوم الإنسانية (الحقوق، الاقتصاد، الفلسفة، اللغة العربية، الإعلام) في جامعة السيدة رقية، والإبقاء على الاختصاصات الشرعية فيها فقط.

7خ68و

الأمر الذي أثار تساؤلات حول إذا ما يعني ذلك تضييقاً من نظام الأسد على عبدالله النظام لخلافات غير مُعلنة، أم ضغطاً تمارسه إيران بسحب البساط من تحته وتسليم الشأن التعليمي كما الشأن الثقافي والإعلامي والعسكري للحجاج الإيرانيين الموجودين في سوريا دون الحاجة إلى وسيط سوري، ولا سيما بعد افتتاح أفرع للجامعات الإيرانية في سوريا كجامعة المصطفى الدولية، وجامعة آزاد، وجامعة الفارابي.

أستاذ مساعد باختصاص اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق (طلب عدم ذكر اسمه) رجّح في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن يكون الأمر درأً للمنافسة بين جامعة عبد الله النظام والجامعات الإيرانية الأخرى على الأرض السورية، حتى قبل أن تنال بقية الجامعات الإيرانية شهرتها وتبدأ باستقطاب الطلاب؛ ويأتي ذلك حسب قوله: “نفي المنافسين قبل اشتداد المنافسة!”.

تعظيم ومباركات من وزارة النظام

الجدير بالذكر أن وزير التربية السابق (عماد العزب) وقّع اتفاقية مع نظيره الإيراني السابق (محسن حاجي ميرزائي) بتاريخ 22 كانون الثاني 2020؛ تكفلت فيها إيران بترميم 250 مدرسة سورية بتكلفة 12 مليار ليرة سورية ما يعادل 3 مليون دولار آنذاك.

ويأتي ذلك ضمن خطة إيران طويلة المدى للسيطرة على التعليم في سوريا بمراحله المختلفة، تحت مسميات “دعم” و”إعادة إعمار”، في الوقت الذي تعجز فيه حكومة النظام عن ترميم المدارس ودفع مرتبات الأساتذة أو تحسين وضع الطلاب التعليمي؛ الأمر الذي أدى إلى تسرب الكوادر التعليمية والطلاب على حدّ سواء.

 



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى