الجزائر

“حان الأوان لوضع حد صارم لسياسية اللاعقاب واللاحساب مبادرات محاكمة الكيان” – الجزائر الآن

الجزائرالآن _ شارك وزير الخارجية احمد عطاف  بنيويورك في اجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن حول فلسطين . وقال عطاف ان الجزائر تشارك في الاجتماع باعتبارها العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن.

كما بلغ عطاف تحيات الرئيس تبون للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

واضاف عطاف قائلا: حان الأوان لوضع حد صارم لسياسية اللاعقاب واللاحساب،  مبادرات محاكمة الكيان دوليا تستدعي منا السند والدعم والتشجيع.”

وهذه كلمة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج،  أحمد عطاف، اليوم بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، في جلسة النقاش رفيعة المستوى لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية.

بسم الله الرحمن الرحيم

شكراً السيد الرئيس،

1- لم أجد أنسب وأليق وأجدر ما أستهل به مساهمتي هذه في نقاش مجلسنا لهذا اليوم من تبليغ رسالة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وضعها أمانة بين يدي، وهي رسالة تقدير وامتنان للأمين العام، السيد أنطونيو غوتيريش، ولكافة هيئات منظومة الأمم المتحدة على ما بادروا به ولا يزالون، من أجل تخفيف المآسي التي تطال غزة، وتضميد جراحها، وإيقاف نزيفها.

2- وذات الرسالة رسالة دعم وتقدير لهم،نظير جهودهم الحثيثة رغم ما يتعرضون له من طعن في مصداقيتهم ومساس بسلطتهم، ومن استفزازات وابتزازات من لدن إحتلال لا يرى لجبروته ولطغيانه حدوداً.

3- للسيد الأمين العام كل التشجيع والاحترام منا، وكلنا خشوع وإجلال وإكبار أمام أرواح من خدموا الإنسانية تحت راية الأمم المتحدة، وسقطوا في غزة دفاعاً عن أسمى قيمها وأرقى مُثُلِها.

4- وذات الرسالة رسالة ترحم على أرواح من ارتقوا شهداء من أجل وطنٍ وقضيةٍ، وطنٍ لهم، وقضيةٍ لهم ولنا.

5- إن العدوان على غزة وشيك الدخول في شهره الخامس، وآفاق حمل الاحتلال الإسرائيلي للعدول عنه لا تزال مسدودة.

6- إن وضعاً كهذا يفرض فرضاً على البشرية المجتمعة في بيتها هذا ثلاثة تحديات رئيسية:

– التحدي الأول: وهو تحدي ضمان احترام القرارات والقوانين والتشريعات التي تصدر باسمها، وعدم السماح أو التسامح مع الخروقات الجسيمة لكل ما أقرته لضمان تعايش سلمي، وحضاري، ومتمدن بين أعضائها.

– التحدي الثاني: وهو تحدي عدم القبول بأن عضواً من أعضائها نصَّب نفسه فوق الجميع ويستفيدَ من معاملات تبدو وكأنها وُضِعَتْ لصالحه في شكل استثناءات، وانتقاءات، وامتيازات، وحصانات غير مبررة وغير مقبولة.

– التحدي الثالث: وهو تحدي إخضاع الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني للضوابط القانونية الدولية، ووضع حدٍّ لما يُجمع الكثير على تسميته باللامساءلة، واللامحاسبة، واللامعاقبة، والتي حان الأوان لوضع حدٍّ صارم وحاسم لها.

7- ومن هذا المنظور، ترحب الجزائر وتثمن تثميناً عالياً بوادر الابتعاد عن هذه المعاملات التفضيلية من خلال مبادرات راقية وشجاعة وجريئة لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على تحمل مسؤولياته. وأعني تحديداً:

– مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون بحشد الخبراء القانونيين والتنظيمات الحقوقية العالمية لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي أمام الهيئات الدولية لإنهاء عقود من إفلات هذا الأخير من العقاب،

– ومبادرة جمهورية جنوب افريقيا برفع دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة شن حرب إبادة على غزة،

– ومبادرة كل من جمهورية الشيلي والمكسيك بإخطار المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم متعددة الأشكال والأنواع التي صاحبت ولا تزال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

8- كل هذه المبادرات تستدعي منا السند والثناء والتشجيع، لأنها تمثل خطوات صائبة على درب الصواب.

9- وبقدر ما نحث هذه الهيئات القضائية الدولية على الاضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها القانونية كاملة، فإننا نشدد بقدر أكبر على إلزامية الاضطلاع بالمسؤوليات السياسية والأمنية التي تقع على عاتق مجلس الأمن بصفته الهيئة الأولى الحامية والضامنة للسلم والأمن الدوليين.

10- ونحن بصدد الحديث عن المسؤوليات والواجبات التي يفرضها الظرف الحالي تجاه غزة، فلا ريب أن الأولوية القصوى تعود لوقف إطلاق النار الذي لا يمر يوم إلا وزاد الرفضُ والاستياءُ تجاه المماطلة بشأنه وتجاه المبررات الهشة لعدم إيلائه العناية التي يستحقها.

11- فلا يوجد راهناً أهدافٌ تعلو فوق هدف وقف العدوان والإبادة والتشريد والتهجير والتجويع والتدمير والتخريب والتدنيس.

12- إذاك وإذاك فقط يصبح للحديث عن “ترتيبات ما بعد الحرب” معنىً، ويصبح للجهود الدبلوماسية الرامية لحل الصراع العربي-الإسرائيلي فعليةً وفاعليةً.

13- فمما لا شك فيه، أن ما يحدث في غزة اليوم يعيد إلى الواجهة أكثر من أي وقت مضى حتمية الإسراع في معالجة جوهر هذا الصراع عبر تجديد وتفعيل التزامنا الجماعي بحل الدولتين الذي التفت حوله المجموعة الدولية كحل عادل ودائم ونهائي.

14- وأمام الأصوات الإسرائيلية التي أصبحت تجاهر اليوم برفضها لهذا الحل، يقع على مجلسنا هذا وعلى منظمتنا هذه الرد بكل حزم وبكل صرامة على مثل هذه المواقف التي تستخف بالإجماع العالمي وبالشرعية الدولية.

15- ومن هذا المنبر،تجدد الجزائر دعوتها لمنح العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمنظمة الأمم المتحدة، وهو المطلب الذي تبنته حركة عدم الإنحياز في قمتها الأخيرة كإجراءٍ استعجالي للحفاظ على المرتكزات الأساسية لحل الدولتين، وكخطوةٍ حتمية لِصَوْنِ المقومات القانونية لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

16- كما تدعو بلادي إلى تبني نهج جديد في السعي لتفعيل خيار السلام وتحقيق حل منصف وشامل للقضية الفلسطينية:

– فالجدير، بل الأجدر بنا في هذه الساعات الفاصلة أن نتصدى للأوهام التي يتغذى منها الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني بتحقيق الأمن عبر القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني،

– والجدير، بل الأجدر بنا في هذه الساعات الفاصلة،أن نمنع ونبطل تواصل حملات الاحتلال لمصادرة الأراضي الفلسطينية وضمها، وتشجيع بناء المستوطنات الإسرائيلية وتوسيعها، للحيلولة دون إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وسيدة،

– والجدير، بل الأجدر بنا في هذه الساعات الفاصلة أن نكبح جِمَاحَ الاحتلال الإسرائلي وأوهامه المتمثلة في إعادة إحياء مشروع إسرائيل الكبرى على أنقاض ورماد وحطام المشروع الوطني الفلسطيني.

17- بناءً على كل هذه الاعتبارات، فإن الجزائر تجدد المطلب التاريخي بعقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة، يتم خلاله الاتفاق على إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي بصفة نهائية عبر الاحتكام لقرارات الشرعية الدولية وتفعيل حل الدولتين تحت الرقابة الصارمة، والمتابعة اللصيقة، والضمانة الوثيقة للمجمتع الدولي.

– فبعد غزة لا يمكن العودة إلى ما قبل غزة،

– وبعد غزة، لا يمكن إعادة القضية الفلسطينية إلى الأدراج لتبقى حبيسة فيها لأجل آخر غير مسمى،

– وبعد غزة، لا يمكن أن نحصر الجهد الدولي في التكفل برواسب وتوابع ومخلفات الحرب، ونَغُظَّ الطرف عن أسباب ومسببات الحرب ذاتها.

18- وفوق كل هذا وذاك، لا يُسْمَحُ لنا، ولا يُمْكن أن نسمح لأنفسنا بأن نترك هدف السلم والأمن في الشرق الأوسط رهينة الاحتلال الإسرائيلي يتصرف فيها كيفما يشاء، ويساوم بها متى شاء، ويُجامل بها من يشاء، ويضغط بها على من يشاء.

19- فَلْتَكُنْ غزة درساً لنا جميعاً، درساً نقتدي به، ودرساً نستلهم منه، ودرساً نتقوى به في مساعينا الآتية، والأهم فَلْتَكُنْ غزة درساً لا ننساه.

وشكراً السيد الرئيس.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى