تونس

إسمهم حراس الفضيلة : السلطات الليبية تطلق “الشرطة الدينية ” في شوارع العاصمة


شرعت بلدية حيّ الأندلس في طرابلس تنفيذ برنامج حرّاس الفضيلة التابع لهيئة الأوقاف بطرابلس، وحسب بلاغ صادر عن البلدية فان المسؤولين في البلديةالمذكورة تناولوا بالنقاش مع قادة حراس الفضيلة ” سبل معالجة الظواهر الهدامة بالشريعة الإسلامية، مثل انتشار النصرانية والقضاء على المِثليّة المُنتشرة داخل ليبيا، وتكثيف جهود المؤسسات التعليمية والأمنية وتفعيل دور مخاتير المحلّات لمعالجتها. “

وفي ماي الماضي كشفت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن تدشين برنامج “حراس الفضيلة”، والذي قالت إنه يهدف إلى “تطوير الدعوة، ونشر القيم، وتحصين المجتمع من الانحراف الأخلاقي”، ما أثار موجة من الجدل والرفض، وسط مخاوف من تحوله إلى وسيلة لهيمنة التيار الإسلامي على الحقوق الأساسية للمواطنين.
وأوضحت الهيئة، في بيان، أنها وضعت “خطة تنفيذية” للبرنامج، تقوم على تنفيذها مجموعة من الشخصيات المعنية في كل فروعها، مؤكدة اختصاصها بتشكيل اللجان الفرعية لتنفيذ البرنامج، وأن هذه اللجان تقوم بـ”رصد وتتبع مظان وجود الانحرافات العقدية والفكرية والأخلاقية الهدامة في منطقتها، وإحالتها إلى اللجنة الرئيسية”، وذكرت أن “الجميع سيلمس من خلال البرنامج كيف سيساهم في الدعوة، وإنقاذ البشر من براثن الانحراف والإلحاد والتنصير والإرهاب الفكري والعقدي”، على حد قولها.

ويتهم عدد من النشطاء الليبيين “التيار المدخلي” بالسيطرة على هيئة الأوقاف، باعتبار أن إدارتها وأغلب مسؤوليها من الشخصيات المعروفة بانتمائها لذلك التيار، وتظهر أدبيات التيار في تدوينات أغلب مسؤوليها وأنصارهم، ومن هذا المنطلق، يعبر كثير من النشطاء عن مخاوفهم من أن يكون البرنامج وسيلة للتعدي على الحقوق المدنية التي تكفلها التشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية.
ويعبر الناشط المدني ماهر الشويهدي عن مخاوفه قائلاً لـ”العربي الجديد” إن “مفهوم الفضيلة واسع وفضفاض، فللفضيلة مدلول إنساني قد يتجاوز الشق الديني، وأهداف قرار إنشاء هذا البرنامج تتفق على رفضها كل المجتمعات الإسلامية، كتجمعات العري أو الخلاعة، وبالتالي، فلم يبق إلا الفضيلة بمعناها الضيق وفق أدبيات المداخلة، والتي تعني كل ما يخالف معتقداتهم وقناعاتهم، وبالتالي، فهذا مبرر لإجبار الناس قسراً على حمل أفكارهم، وهي طريقة عملت بها، وفرضتها تيارات متطرفة في بنغازي وسرت قبل سنوات”.
من جانبها، تلفت الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي إلى عبارة “رصد وتتبع” الواردة في قرار إنشاء برنامج “حراس الفضيلة”، قائلة: “هل هذا يعني أن للبرنامج سلطة القبض والاعتقال؟ وبعيداً عن سؤال من خولهم بذلك، فهل ستكون صفحات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هدفاً لهذا الرصد؟ كما يتسع المدلول ليشمل أيضاً مراقبة الصحافة والإعلام والجامعات، بل قد يخترق الخصوصيات ليراقب الأفراح والمناسبات الخاصة. المرأة غير المحجبة تراها تلك المجموعات ذات الأيدلوجية المتشددة تخالف مبدأ الفضيلة، فهل يعني هذا إمكانية اعتقالها؟ وبأي حق؟ وبأي طريقة سيتم هذا؟”.

وفي جانفي 2022 قال مسؤول سعودي إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “باتت معزولة”، خلال السنوات الأخيرة، بينما تشهد المملكة انفتاحا غير مسبوق يتزامن مع حملة إصلاحات دينية واجتماعية.

وقال المسؤول السعودي الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة “فرانس برس”: “الهيئة باتت معزولة، وجرى تقليص كبير لعدد عناصرها خصوصا من غير المؤهلين للدعوة”.

وبعد سنوات من الهيبة والنفوذ في الشارع السعودي، تراجع دور الهيئة التي كانت بمثابة شرطة دينية، مع انطلاق الحملة الإصلاحية التي ينفذها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وصارت تطلق حملات للتوعية بالأخلاق ومواجهة الوباء والتحذير من مثيري الفتن، من على الشاشات الرقمية واللوحات الإعلانية في الشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي.

ويقضي عدد كبير من عناصر الهيئة حاليا غالبية وقتهم في مكاتبهم دون الاحتكاك بالناس في الشوارع، ما يثير إحباط وحنق الأكثر تشددا منهم، على ما أفاد مصدران مطلعان على أنشطة الهيئة لوكالة “فرانس برس”.

وكان عناصر الهيئة في الشارع يراقبون عن كثب تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المملكة المحافظة، وكان لهم صلاحيات كبيرة، من بينها التأكد من تطبيق الناس لقواعد الآداب العامة ومنع الاختلاط، الأمر الذي كان يشمل الحقّ بطلب وثائقهم الشخصية ومطاردتهم وتوقيفهم.

وكانت سيارات الهيئة تطوف في الشوارع، ويتأكد أفرادها من التزام النساء بارتداء العباءة السوداء حصرا ويلاحقون روّاد المقاهي والمراكز التجارية ويجبرون المحلات على الإغلاق وقت الصلاة.

وقال أحمد بن قاسم الغامدي، وهو مسؤول كبير سابق في الهيئة، إن “أعظم أخطاء الهيئة أنها كانت تتّبع الأخطاء الفردية للناس”، وهو ما قال إنه “تسبّب بأثر عكسي وسلبي” على صورتها.

وأقر رئيس هيئة الأمر بالمعروف، عبد الرحمن السند، في مقابلة في أكتوبر 2022 مع محطة “الإخبارية” التلفزيونية الحكومية، بارتكاب الهيئة سابقا “مخالفات”.

وأرجع السند، وهو أستاذ جامعي، ذلك إلى أنّ أعضاء الهيئة كانوا يمارسون “مسائل أمنية من دون أي مرجعية أو خلفية أو تأهيل مسبّق”.





رابط المصدر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى