بعد الثورة.. “الوحدة الوطنية” جسر نحو سوريا الحديثة
شاهد هذا الموضوع -بعد الثورة.. “الوحدة الوطنية” جسر نحو سوريا الحديثة- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
تحمل سوريا اليوم تحديات مصيرية بعد انتصار ثورتها المبهر، حيث تقف أمام منعطف تاريخي يتطلب حكمة وتعقلاً في إدارة المرحلة الانتقالية، فبعد ثلاثة عشر عاماً من النضال المرير ضد أحد أعتى الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، نجحت الثورة السورية في تحقيق إنجاز نوعي يتمثل في إسقاط نظام الاستبداد.
لكن التحدي الأكبر الآن يكمن في الحفاظ على “الوحدة الوطنية” وعلى وحدة النسيج الاجتماعي السوري، ذلك النسيج المتعدد الأطياف والمكونات، فقد أثبتت الثورة قدرتها على التغلب على المعوقات الصعبة، حين واجهت خمس قوى عسكرية معادية تمثلت في ميليشيات إيران والنظام السابق وحزب الله والقوات الروسية وقوات سوريا الديمقراطية.
يمكن القول، وهنا أقتبس من كلام الأكاديمي الدكتور سمير التقي في مقابلة له مع تلفزيون سوريا خلال الشهر الجاري (كانون الأول 2024)، إن هناك أبعاداً كثيرة للتحصين الوطني، تتمثل في “جَسر الهوة” بين المكونات السكانية، الأمر الذي يعد استراتيجية جوهرية للمرحلة القادمة، والانتقال إلى حوار مجتمعي منفتح يهدف لإنتاج شروط عيش مشترك يلبي طموحات مختلف المكونات من علويين وأكراد وغيرهم، هذا الحوار سيكون محورياً في إعادة بناء الوطن والوحدة الوطنية، مع التركيز على حلول عملية تراعي خصوصيات كل منطقة.
ولا يمكن إغفال موضوع الحوكمة والحكم المدني الذي يمثل أحد العناصر الأساسية في هذه المرحلة الانتقالية، وتقع مسؤولية هذا التحول على عاتق القوى المسيطرة حالياً، والتي تحتاج لإعادة تشكيل جذري مع هوية وطنية جديدة.
ولا بدّ كذلك من الابتعاد عن أي تحديات قد تهدد السلم الأهلي الذي يعد أولوية قصوى، فالمرحلة الحالية لا تحتمل منطق المنتصر والمهزوم، بل تتطلب نهجاً توافقياً يسع الجميع.
وعلينا ألا نتجاهل أمراً ضرورياً آخر وهو توفير مناخ سياسي داعم للنخب الجديدة يستدعي تمكين الشباب والنساء، فإنقاذ البلاد يتطلب دوراً محورياً لهذه الفئات، وعلى النخب القديمة تسليم الراية للجيل الجديد الذي يملأ شوارع سوريا بهتاف “الحرية”، إضافة إلى أن التوافق على مبادئ الدولة والديمقراطية يجب أن يسبق أي حديث عن انتخابات، فمن الضروري استيعاب دروس الماضي والاستفادة منها لبناء مستقبل أفضل.
في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا، من المهم أن نتساءل عن السبل الفعّالة لتعزيز الوحدة الوطنية: هل يكون ذلك من خلال الحوار المجتمعي؟ أم عبر مبادرات وطنية مشتركة تشمل مختلف الأطياف؟
رابطة المواطنة ستكون الرصيد الحقيقي الذي ينقذ السوريين من محاولات تفكيك النسيج الاجتماعي، فالمواطنة هي الجسر الذي سيعبر به السوريون نحو سوريا الحديثة الموحدة، وبالتالي فإن نجاح هذه المرحلة يكمن في قدرتنا على تجاوز الانقسامات، واحتضان الاختلاف، وبناء دولة المؤسسات التي تحترم التنوع وتصون الكرامة الإنسانية.
من جانب آخر، يمكن تحصين سوريا الجديدة بـ “الوحدة الوطنية” من خلال رفض الصمت والسلبية التي كنا فيها لعقود، رفض الإلغاء لي ولك، قبول الآخر المختلف سياسيا وبالطبع عرقيا وطائفيا، فالاختلاف سُنة الحياة وسبيل التطور واستمرار الأوطان.
وكذلك رفض تقسيم سوريا تحت أي ذريعة والدفاع عنها موحدة، عدم اليأس والاستعجال في قطف ثمار التغيير، وعدم تضخيم حوادث شائنة ضارة لأفراد تعكس سلوكيات موروثة من العصر الأسدي، والنظر إلى يومنا الحاضر كجسر بين ماض أسود وغد حر كريم وليس نهاية المطاف.
وفي ظل الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا، من المهم أن نتساءل عن السبل الفعّالة لتعزيز الوحدة الوطنية: هل يكون ذلك من خلال الحوار المجتمعي؟ أم عبر مبادرات وطنية مشتركة تشمل مختلف الأطياف؟ كيف يمكن لكل فرد ومؤسسة أن يسهموا في تحصين البلاد من خلال تكريس هذه الوحدة؟
نعود للقول، إنه لا بدّ من الإشادة بنجاح الثورة السورية وانتصارها المبهر بعد مضي ثلاثة عشر عاماً على قيامها على أعتى دكتاتوريات العصر والمتجذرة عبر سنين طويلة امتدت إلى خمسين عاماً من الظلم والاستبداد والقهر التي عاشها الشعب السوري على مر هذه العقود، فقد انتصرت هذه الثورة بعد عمل دؤوب وإعداد لهذه المعركة الحاسمة والتي لم يطل أمدها لبضعة أيام وبزمن قياسي لم يشهد له مثيل في تاريخ الحروب المعاصرة والتي أبهرت العالم بأسره على سرعة حسم هذه المعركة بقليل من الخسائر البشرية، ويعود ذلك لعقيدة الثوار وإيمانهم بالثورة، وفي الجهة المقابلة لطرف المعركة فقدان هذه العقيدة وإيمانهم بالحاكم الأوحد والحزب الواحد.
ورغم مجابهة خمسة جيوش على الأرض السورية وهي ميليشيات إيران والنظام وميليشيات حزب الله وروسيا وقوات قسد، نجحت هذه الثورة وتعطلت سنن الحروب الطويلة بمعركة خاطفة أبهرت العالم وبإمكانيات متواضعة وأسلحة بسيطة، فتحت المحافظات تباعاً حلب وحماة وحمص وصولاً إلى قلب العاصمة دمشق التي لم يتوقع أحد أن يصلوا إليها بهذه السرعة، علماً بأنه قد تم تحصين العاصمة تحصيناً جيداً، ولكن إرادة الله وعقيدة الثوار وتلاحم بقية المدن مثل درعا والسويداء سارعت بإنهاء هذه المعركة وحسمها لصالح الجيش الوطني وقوات ردع العدوان، وهروب الطاغية وحاشيته منها هروباً مذلاً بصفقة روسية إيرانية مهدت له هذا الهروب، وتركت جيشه المتهالك وميليشياته تصارع الموت الزؤام.
وباعتبار أن الثورة نجحت بهذه الفترة، فقد أعطت الأمان لمن يلقي سلاحه، وقامت بطمأنة الأقليات من جميع الطوائف والإثنيات، وكانت هذه الثورة ثورة فتح وتسامح لهذه الأقليات.
واليوم، فإن نجاح الثورة يضعنا أمام استحقاقات كثيرة لابد لنا أن نسارع في إنجازها وبأسرع ما يمكن، وأولويات هذه الاستحقاقات تشكيل حكومة مؤقتة تدير البلاد لسد الفراغ وعدم انهيار مؤسسات الدولة والمحافظة عليها، وثانياً بسط الأمن والأمان على امتداد تراب الوطن، وثالثاً تشغيل عجلة عمل المؤسسات وتأمين مستلزمات حياة المواطنين، ورابعاً طمأنة المجتمع الدولي على حماية الأقليات وعدم المس بهم وممتلكاتهم وإعطائهم الحرية في ممارسة عقائدهم الدينية، وخامساً إشراكهم في صنع القرارات المصيرية للدولة عبر ممثلين عنهم، وسادساً، وهو الأهم، هو أن سوريا للجميع من دون تفرقة لدين أو عرق أو طائفة، والتشديد على الوحدة الوطنية لكافة المكونات والمحافظة على النسيج الاجتماعي.
كما أنه من الضروري نشر ثقافة المواطنة التي تمنح الناس نفس الحقوق والواجبات، بعيداً عن التقسيمات العرقية والطائفية، وغرس الولاءات الوطنية في نفوسهم.
وبهذه الطريقة نكون قد حصنا ثورتنا وسوريا بـ “الوحدة الوطنية” التي هي الآن تحت مجهر العالم الذي يتربص بها ويحسب عليها أي خطأ تقع به، كما ينبغي على الإعلام تشديد الرقابة على تسريب أو نشر انتهاكات غير صحيحة للعالم الخارجي، وذلك حرصاً على نجاح ثورتنا ووحدتنا الوطنية ضمن معايير حركات التحرر بالعالم.
وعلينا أن نعلم أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار، بل هي عملية مستمرة تحتاج إلى استعداد وعمل فعلي من جميع الأطراف لتحقيق مستقبل مستقر ومزدهر لسوريا.
الوحدة الوطنية في سوريا، كدعامة أساسية للنهوض بالبلاد، تستلزم تطبيق مقاربة شمولية تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وإنشاء قنوات تواصل شاملة تشمل جميع الأطياف الاجتماعية والسياسية من دون استثناء، للوصول إلى اتفاق على التوجه المستقبلي للبلاد، كما أنه من الضروري نشر ثقافة المواطنة التي تمنح الناس نفس الحقوق والواجبات، بعيداً عن التقسيمات العرقية والطائفية، وغرس الولاءات الوطنية في نفوسهم، ولا شك أن الشفافية وسيادة القانون هما حجر الزاوية في العلاقات بين الدولة والمجتمع.
وأخيراً، إن تحقيق الوحدة الوطنية ليس هدفاً بعيد المنال إنه خيار استراتيجي يحتاج إلى إرادة جماعية وآليات عملية لترسيخه ،والوحدة الوطنية ليست هدفاً بعيد المنال بل هي خيار استراتيجي يحتاج إلى إرادة جماعية وآليات عملية لترسيخها، وفوق هذا وذاك، يبدو أن المبادرات الوطنية والنقاشات المجتمعية المدعومة من أفراد ومنظمات هي أضمن وسيلة لتحقيق هذا الهدف، وأضمن وسيلة لتحقيق مستقبل سوريا، إذاً، فالوحدة الوطنية ليست هدفاً بعيد المنال، بل هي خيار استراتيجي يحتاج إلى إرادة جماعية وآليات عملية لترسيخه.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي