من يعلن الحرب؟ جدل الصلاحيات في واشنطن يعود بعد ضربات إيران

شاهد هذا الموضوع -من يعلن الحرب؟ جدل الصلاحيات في واشنطن يعود بعد ضربات إيران- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
في الثالث من يناير 2020، قتلت طائرة أميركية مسيّرة قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، قرب مطار بغداد.
“قتلنا الإرهابي الأول في العالم”، قال الرئيس دونالد ترامب في خطاب متلفز بعد ساعات قليلة.
في واشنطن، لم يشارك الجميع الرئيسَ الأميركي احتفاله.
“هل كان سليماني قاتلًا؟ نعم. لكن الرئيس لم يطلب إذنًا من الكونغرس، بل لم يُخطرنا حتى”، علق السيناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، تيم كين.
كان تيم كين – وما يزال – عضوا في لجنتي الشؤون الخارجية والخدمات المسلحة. قال حينها إنه سمع بالخبر من وسائل الإعلام.
في نفس اليوم، قدم السيناتور الديمقراطي مشروع قرار أمام مجلس الشيوخ لمنع دونالد ترامب من الدخول في حرب مع إيران دون موافقة الكونغرس.
في السنوات اللاحقة، قاد تيم كين جهودا حثيثة انتهت لإلغاء الكونغرس تفويضي استخدام القوة العسكرية لعامي 1991 و2002، وإنهاء حربَي الخليج والعراق رسميًا.
في 22 يونيو 2025، وجه ترامب ضربة لإيران مرة أخرى . استهدفت الضربات المنشآت النووية الرئيسية هذه المرة.
“لم تتم استشارتنا. يجب أن يوافق الكونغرس على الحرب ضد إيران”، قال كين مجددًا.
هذه المرة، حاول السيناتور الديمقراطي استباق خطوات ترامب. قدم، قبل أسبوع من الضربة، مشروع قرار لمنع الرئيس من القيام بأي عمل عسكري دون تفويض من الكونغرس.
“سيتم التصويت على مشروع القرار في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع”، يقول تيم كين الذي يبدو واثقا أن مشروعه سيحظى بدعم عدد من الجمهوريين أيضا.
في الواقع، حصد مشروع قراره عام 2020 دعم بعض الجمهوريين وحصل على موافقة الكونغرس. لكن الرئيس دونالد ترامب استخدم الفيتو ضد القرار، ولم يتمكن مجلس الشيوخ من تجاوز الفيتو الرئاسي.
هدف مشروع تيم كين الجديد الآن هو منع مزيد من التصعيد بين إيران وأميركا. لكنه قد يسقط أمام الفيتو الرئاسي، حتى لو اجتاز الكونغرس.
تعيد الضربة الأميركية ومشروع السيناتور تيم كين سؤالا عمره أكثر من قرنين في أميركا: من يملك السلطة المطلقة لإعلان الحرب في أميركا: الرئيس أم الكونغرس؟
الدستور وبذور الانقسام
يمنح الدستور الأميركي بشكل صريح الكونغرس وحده صلاحية إعلان الحرب. “تكون للكونغرس سلطة: إعلان الحرب.. وإنشاء الجيوش”، تقول المادة الأولى. لكن الدستور نفسه يجعل رئيس الولايات المتحدة القائد الأعلى للبلاد ولقواتها المسلحة.
لا تختلف أميركا في هذا، في الواقع، عن كثير من دول العالم: فرنسا مثلا.
كان الهدف الأساسي من هذا الفصل في الصلاحيات هو الحيلولة دون احتكار مؤسسة واحدة لقرار الحرب. غير أن هذا الفصل نفسه أصبح ساحة صراع مستمر بين سلطة الرئيس ورقابة الكونغرس.
في الواقع، صوت الكونغريس بالموافقة على إعلان الحرب 11 مرة فقط في تاريخ الولايات المتحدة. آخرها خلال الحرب العالمية الثانية، أي قبل 80 عاما.
في باقي الحروب، اعتمدت الولايات المتحدة إما على “تفويض استخدام القوة العسكرية” عبر قانون يصدره الكونغرس يتيح للرئيس استخدام القوة دون إعلان حرب رسمي، أو إلى “السلطة الدستورية للرئيس” نفسه، حيث يعتمد الرؤساء على موقعهم كقائد أعلى للقوات المسلحة لتنفيذ عمليات محدودة دون العودة إلى الكونغرس، ما دام التدخل لا يُصنَّف كحرب شاملة.
لكن هذا التوسع في صلاحيات الرئيس هو ما يثير الجدل، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم.
إرث قديم
في صيف عام 1950، غزت كوريا الشمالية نظيرتها كوريا الجنوبية.
أعلنت الأمم المتحدة هجوم كوريا الشمالية على جارتها الجنوبية غزوا. وأرسلت قوات دولية إلى شبه الجزيرة الكورية. شكلت القوات الأميركية قرابة 90 في المئة من قوامها.
وصف الرئيس الأميركي، آنذاك، هاري ترومان، مشاركة القوات الأميركية لصد الغزو الكوري الشمالي بمثابة “عمل شرطة”، تم بالتعاون مع الأمم المتحدة.
لم يلق التدخل الأميركي في كوريا معارضة كبيرة في أميركا وفي الكونغرس. لكن بعض المشرعين في ذلك الوقت، مثل السيناتور الجمهوري عن ولاوية أوهايو روبرت تافت، رأوا في قرار ترومان المشاركة في الحرب تجاوزا للكونغرس.
“قرار الرئيس هو ما جلب حربا بحكم الأمر الواقع مع حكومة كوريا الشمالية”، قال السيناتور تافت حينها.
السيناريو نفسه تكرر في فيتنام، حيث حشدت الولايات المتحدة آلاف الجنود للمشاركة في الحرب.
هذه المرة أيضا لم يعلن الكونغرس أية حرب. لكن الرئيس ليندون جونسون، آنذاك، اعتمد على قرارا سابق للكونغرس يدعى “قرار خليج تونكين”.
الكونغرس الأميركي كان صوت على هذا القرار، في صيف 1964، عقب تعرض سفن أميركية لهجوم من جانب قوارب فيتنام شمالية.
منح القرار الرئيس جونسون تفويضا لاستخدام القوة العسكرية في جنوب شرق آسيا، حتى دون إعلان رسمي بالحرب. ولاحقا، استخدم القرار كأساس التدخل الأميركي في فيتنام.
بعد سنوات من الخلافات الحادة، ألغي القرار في يناير 1971. ولاحقًا، أقرّ الكونغرس “قانون صلاحيات الحرب” في 1973 للحد من سلطة الرئيس في اتخاذ قرارات الحرب.
سمح القانون الجديد للرئيس بالقيام بعمل عسكري، دون موافقة مسبقة من الكونغرس، فقط في حال وقوع “حالة طوارئ وطنية ناتجة عن هجوم على الولايات المتحدة أو أراضيها أو ممتلكاتها أو قواتها المسلحة.” لكن الرئيس مُلزَم أيضاً بإبلاغ الكونغرس خلال 48 ساعة من تنفيذ أي عمل عسكري.
الكونغرس يستعيد السلطة
بعد قانون صلاحيات الحرب استعاد الكونغرس شيئا من صلاحياته.
عقب الغزو العراقي للكويت، صيف 1990، أرسل الرئيس جورج بوش قوات أميركية إلى الخليج دون تفويض من الكونغرس في البداية، مستندًا إلى سلطاته كقائد أعلى وإلى الطابع العاجل للمهمة.
لكن بعد أشهر، استصدر بوش تفويضا رسميا من الكونغرس قبل بدء أي عمل لطرد الجيش العراقي من الكويت.
على العكس من ذلك، كان الكونغرس حاضرا منذ البداية في التفويض باستخدام القوة، في عام2001 في حرب أفغانستان وفي عام 2003 في حرب العراق.
في جميع الحالات السابقة، لم يكن الكونغرس يعلن حربا شاملة. كان الأمر دائما يتعلق بتفويض باستخدام القوة العسكرية يمنح للرئيس.
سلطة الرئيس مجددا
واصل الرؤساء الأميركيون تفعيل سلطتهم لشن عمليات عسكرية موجهة ومحدودة.
في مايو 2011، أمر الرئيس باراك أوباما بتنفيذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل أسامة بن لادن، في باكستان، دون موافقة مسبقة من الكونغرس.
رغم الترحيب الكبير بالعملية، أعادت العملية نقاشا – وإن كان محدودا- حول صلاحيات الرئيس ودور الكونغرس خلال عمليات من هذا النوع، خاصة أنها حدثت في دولة ذات سيادة.
النقاش نفسه تكرر، بحدة هذه المرة، مع عملية قتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في يناير 2020.
اعتبر الديمقراطيون وبعض الجمهوريين العملية تصعيداً خطيراً ضد إيران، يمكن أن يتسبب في حرب شاملة، مطالبين بدور أكبر للكونغرس.
رئيسة مجلس النواب حينها نانسي بيلوسي، وجهت انتقادات للرئيس دونالد ترامب. واحتجت بأن العملية نفذت “دون استشارة الكونغرس”.
على العكس من ذلك، دافع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن العملية قائلا إنها كانت “استباقية” لمنع أي عمل عدائي ضد أميركا.
ليندسي غراهام عاد للدفاع عن العملية الأميركية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
“هذا هو القرار الصحيح. عمل رائع سيادة الرئيس”، كتب السيناتور الجهموري عن ولاية ساوث كارولاينا.
رئيس مجلس النواب مايك جونسون، دافع هو الآخر عن الضربة العسكرية، قائلا إن “الخطر الوشيك” أكبر من الوقت الذي قد يستغرق الكونغرس للتحرك.
“الرئيس يحترم بشكل كامل للسلطة التي يمنحها الدستور للكونغرس في المادة الأولى. الضربة التي نُفذت الليلة كانت ضرورية، محدودة، ومركزة، وتأتي في إطار تاريخي وتقاليد مماثلة لعمليات عسكرية سابقة نُفذت في ظل رؤساء من كلا الحزبين”.
بدورهم، عاد الديمقراطيون للمطالبة بدور أكبر للكونغرس.
“قرار الرئيس الكارثي بقصف إيران دون تفويض يُعدّ انتهاكاً خطيراً للدستور ولصلاحيات الكونغرس”، كتبت ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، النائبة الديمقراطية من ولاية نيويورك.
أوكاسيو- كورتيز رفعت سقف التهديد عاليا: “هذا يُعدّ، دون أدنى شك، سبباً واضحاً ومباشراً لعزل الرئيس”.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على الموقع المذكور في المصدر وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي