هل ستقضي تكاليف إعادة الإعمار على أحلام العائدين؟
شاهد هذا الموضوع -هل ستقضي تكاليف إعادة الإعمار على أحلام العائدين؟- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
مع الأيام الأولى لسقوط نظام الأسد واستعادة السيطرة على المناطق التي شهدت عمليات عسكرية في السنوات العشر الأخيرة، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى هذه المناطق التي عانت على مدى سنوات طويلة من التدمير والنزوح والنهب، في وقتٍ لا تزال الأوضاع المعيشية للسكان سيئة للغاية، حيث يواجه معظم العائدين ظروفاً اقتصادية قاسية، في ظل ارتفاع معدلات الفقر وانعدام مصادر الدخل المستقرة.
ومع عودة آلاف الأسر إلى منازلهم، برزت الحاجة الملحّة لإعادة الإعمار وترميم المنازل والمحال التجارية، التي تعرضت للتخريب أو فقدت الكثير من أجزائها نتيجة لعمليات النهب التي اشتهرت بها ميليشيات نظام الأسد، تحت مسمى “التعفيش”، إذ أعادت هذه الاحتياجات الضرورية إحياء عدد من المهن الحرفية، أبرزها الحدادة والمعمار والسباكة، حيث أصبح الحرفيون والعمال في سباق مع الزمن لتلبية الطلب المتزايد على إصلاح الأبواب والنوافذ، وتصنيع أجزاء معدنية جديدة للمنازل والمحال التجارية.
لا نوافذ ولا أبواب
يقول فادي عراج، وهو حداد يعمل في مدينة الأتارب غربي حلب (27 كم) لتلفزيون سوريا: “منذ أن بدأ الناس بالعودة إلى منازلهم، ازداد الطلب على الأبواب والنوافذ بشكل كبير، حيث كانت المنازل بحاجة إلى إصلاح هذه الأجزاء التي تم تدميرها أو نهبها، فمنذ اليوم الأول للتحرير كان العمل قليلًا، ولكن مع مرور الوقت، أصبحنا نعمل بشكل متواصل.
وأضاف: منذ قرابة الشهر وأنا أتلقى طلبات يومية على أبواب حديدية ونوافذ، على الرغم من غلاء أسعار الحديد في السوق والذي يتراوح سعر الطن الجديد بين 700 و750 دولاراً أميركياً، في حين أن الحديد المستعمل يتراوح الطن الواحد بين 550 و600 دولار أميركي.
وأوضح في حديثه لتلفزيون سوريا أنه بالنسبة لأسعار الأبواب والنوافذ، فإن تكاليف تصليح الباب الحديدي الواحد يتراوح بين 30 إلى 50 دولاراً أميركياً، وذلك على حسب الحجم والنوعية، منوٍهاً أن الطلب على إصلاح الأبواب والنوافد ارتفع بشكل كبير، ولذلك أصبحنا نعمل بطاقات أكبر لزيادة الإنتاج، وهو الشيء الذي أعاد مهنة الحدادة للحياة مجدداً حيث أصبحت ضرورية الآن، خاصة في هذه المناطق المحررة.
ولم تقتصر الأضرار التي لحقت في منازل العائدين إلى قراهم المحررة فقط على الأبواب والنوافذ، بل امتدت لتشمل البنية التحتية الكهربائية والصحية بالكامل، إذ يؤكّد السباك رضوان العاصي أن جميع الأسلاك الكهربائية، بما في ذلك المفاتيح والإنارة، قد تمت سرقتها من منازل السكان التي كانت تسيطر عليها عصابات الأسد، وذلك للاستفادة من النحاس الموجود فيها، كما لم تسلم الكابلات المدفونة تحت الأرض من النهب.
وفيما يتعلق بالتمديدات الصحية، أشار العاصي في حديثه لتلفزيون سوريا إلى أن كل ما يمكن فكه قد تم الاستيلاء عليه، بدءًا من المغاسل والحنفيات وحتى أنابيب الصرف الصحي، أما ما لم يكن قابلاً للفك بسهولة فقد تعرض للكسر والتلف.
وأضاف أن خزانات المياه تم تفكيكها بالكامل، حيث تم استخدامها لأغراض التدشيم.
أما عن التكلفة التقديرية لإعادة تأهيل المنازل، فقدّر العاصي تكلفة إعادة تمديد الكهرباء والصحية في منزل مكوّن من ثلاث غرف ومنافع بنحو 1000 دولار أميركي، حيث تصل تكلفة التجهيزات الصحية وخزان المياه إلى 550 دولارًا، بينما تحتاج الأعمال الكهربائية إلى 450 دولارًا على أقل تقدير.
الطاقة الشمسية حلاً بديلاً
وأشار إلى أن أغلب السكان لم يعد لديهم القدرة المالية لإعادة الإعمار، مما دفع الكثير منهم إلى اللجوء إلى حلول بديلة مثل استخدام الطاقة الشمسية، حيث تبلغ تكلفة تركيب (لوحين وبطارية ودارة فصل) نحو 150 دولارًا، فيما تعتمد بعض المنازل على تمديد الشرائط الكهربائية الخارجية كبديلاً عن التمديدات النظامية.
وبخصوص أسعار المعدات الخاصة بأنظمة الطاقة الشمسية فهي تتفاوت بشكل كبير، فعلى سبيل المثال، يقول “محمد العطار” يعمل في تمديد أنظمة الطاقة الشمسية، إن سعر اللوح الشمسي من النوع الأوروبي المستعمل يتراوح بين 15 و20 دولاراً، في حين أن اللوح الشمسي الجديد قد يصل إلى 90 دولاراً، وأمّا الأنفلتر (مولد الطاقة الكهربائي) فيتراوح سعره من 175 إلى 450 دولاراً، حسب الحجم والنوع.
وأمّا بالنسبة للأسلاك الخاصة بنظام الطاقة الشمسية، فإن سعرها يتراوح بين 50 إلى 60 دولارًا، حسب طول الكبل، وأمّا البطاريات، فتتراوح أسعار البطارية الواحدة من سعة 240 واط بين 125 دولارًا (محلية الصنع) و350 دولارًا (أجنبية)، بالإضافة إلى ذلك، أسعار قواعد تثبيت الألواح الشمسيّة تتراوح بين 100 إلى 200 دولار، على حسب الحجم، فيما تتراوح أجور تركيب هذه الأنظمة من 50 دولاراً للمشاريع الصغيرة وقد يصل إلى 200 دولار للمشاريع الكبيرة.
بناء الجدران والأسقف
ليس هذا فحسب، فقد استقبل العائدين بيوتهم مدمرة بشكل شبه كامل، وكان لهم من الضروري البدء بإعادة بناء الجدران والأرضيات، وإصلاح الأسطح، ولذلك الطلب على البناء لم يتوقف منذ اليوم الأول لتحرير سوريا، وعلى إثرها يقول الشاب “عبد الرزاق حاج جمعة”، وهو معمار من بلدة الجينة غربي حلب (35 كم) لتلفزيون سوريا، إن أسعار البناء بالبلوك (الطوب) تتراوح بين 1 إلى 1.10 دولار للمتر المربع، وإذا كان هناك ارتفاع في الجدار أكبر من 3.5 متر، نضيف حوالي 0.25 دولار على المتر، مشيراً أن هذه الأسعار معقولة مقارنة بما كان الوضع عليه سابقًا.
وأضاف: هناك أيضًا طلبات على بناء غرف جديدة أو إصلاح الجدران المتضررة، منوّهاً أن الطلب على أعمال البناء ازداد بشكل كبير نتيجة لعودة السكان.
ريف حلب الغربي مثالاً
يعيش “علي طلحة” أبو خالد (50 عامًا)، أحد سكان بلدة بسرطون غربي حلب (25 كم) العائدين حديثًا، أوضاعًا مأساوية بعد عودته إلى منزله الذي لم يبقَ منه سوى الجدران المتشققة، ويقول لتلفزيون سوريا: “خرجنا من هنا قبل ست سنوات بسبب القصف والمعارك، وعندما عدت منذ قرابة الشهر وجدت منزلي مدمراً بالكامل. لا أبواب، لا نوافذ، لا تمديدات كهرباء أو مياه، حتى البلاط سُرق، لم يتركوا لنا شيئًا”.
وبسبب وضعه المادي السيئ، لم يتمكن “أبو خالد” من إعادة ترميم منزله بشكل كامل، فلجأ إلى حلول مؤقتة، إذ أوضح قائلًا: “اشتريت باباً ونوافذ مستعملة بـ 120 دولارًا، وقمت بتركيب أسلاك كهربائية رديئة الجودة بـ 50 دولارًا فقط لأنني لا أستطيع تحمّل تكلفة التمديدات الجديدة التي تتجاوز 600 دولار.
ويشير إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في تأمين المياه، حيث لا توجد شبكة مياه عامة صالحة للاستخدام، مما يجبره على شراء صهاريج مياه أسبوعية بسعر 10 دولارات لكل صهريج، وهو مبلغ كبير مقارنة بدخله شبه المعدوم.
ويضيف: لم نعد نستخدم الحمام الداخلي لأن الصرف الصحي محطم بالكامل، لذا قمنا بحفر حفرة صغيرة خارج المنزل لاستخدامها مؤقتًا، لأن تكلفة إصلاح شبكة الصرف تتجاوز 700 دولار.
يختم حديثه قائلًا: “عدنا إلى الدمار، ولسنا قادرين على إعادة البناء، نعتمد على بعض المساعدات، لكن الحياة هنا شبه مستحيلة، وكل يوم نبحث عن حلول للبقاء في منازلنا رغم الظروف القاسية”.
ما حال ريف إدلب الجنوبي؟
في بلدة التح بريف إدلب الجنوبي، يعيش “أبو حسن” (42 عامًا) مع زوجته وأطفاله الخمسة في منزل مدمر جزئيًا، حيث يحاول التكيّف مع الأوضاع الصعبة رغم قلة الإمكانيات، يتحدث عن حالته لتلفزيون سوريا قائلاً: “عندما عدت إلى منزلي بعد 6 سنوات من النزوح، وجدته مجرد أطلال، إذ لم يتبقَ سوى الجدران التي تحمل آثار القصف، كل شيء آخر منهوب، حتى أبواب الغرف الداخلية لم تسلم من السرقة.
وزاد: “بسبب عدم قدرتي على إعادة الترميم بشكل كامل، اضطررت إلى العيش في غرفة واحدة مغطاة بنايلون لحمايتها من المطر، حيث قمت بجمع بعض الأخشاب من المنازل المهدمة المجاورة لصنع سقف مؤقت، وذلك لأن تكلفة إصلاح السقف تتجاوز 400 دولار، وهو مبلغ لا أستطيع تأمينه”.
أما عن الكهرباء، فيعتمد “أبو حسن” على ألواح شمسية مستعملة اشتراها من مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، قائلاً: “اشتريت لوحًا مستعملًا بـ 20 دولارًا وبطارية رديئة بـ 100 دولار فقط لأتمكن من إنارة المنزل ليلاً، مؤكداً أن هذا النظام لا يكفي لتشغيل أي أجهزة أخرى، مما يجبره على الاستغناء عن جميع الأجهزة الكهربائية.
أما عن مصدر الدخل، فيقول: لا يوجد عمل مستقر هنا، أحاول العمل في أي شيء لأتمكن من إطعام أطفالي، أحيانًا أعمل بأجر يومي لا يتجاوز 3 دولارات، وهذا لا يكفي حتى لشراء الخبز وتأمين طبخة اليوم، مختتماً حديثه بالقول: “كل ما نريده اليوم هو منزل صالح للسكن وحياة كريمة، لكننا نشعر أننا نعيش في العراء، نحاول التكيف، لكن الحياة هنا كابوسًا حقيقيًا”.
وسبق أن أشار تقرير صادر عن فريق منسقو استجابة سوريا في السادس من كانون الثاني/يناير الحالي، إلى أن الحرب في سوريا تسببت في دمار واسع في البنية التحتية والمناطق السكنية، إذ يؤكد التقرير أن أكثر من 64,000 منزل دُمر بشكل كامل، بينما تعرض 71,000 منزل لأضرار جزئية، و42,000 منزل لأضرار طفيفة، مما فاقم معاناة المدنيين الذين فقدوا مساكنهم، كما طالت الأضرار وفقاً للتقرير المنشآت الصحية حيث تم تدمير 161 منشأة صحية، مما أدى إلى تفاقم أزمة الرعاية الطبية وحرمان المدنيين من الخدمات الصحية الأساسية، كما أشار إلى تضرر 892 مدرسة والذي سيشكل عائقًا أمام العملية التعليمية ويهدد مستقبل الطلاب في العديد من المناطق.
فيما وثّق تقرير الفريق فيما يتعلق بالبنية التحتية تدمير 4,626 كيلومترًا من الطرقات، وتوقف 511 فرنًا عن العمل، بالإضافة إلى تعرض شبكات الصرف الصحي الممتدة على 7,393 كيلومترًا لأضرار جسيمة، كما تضررت 6 محطات توليد كهرباء، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن العديد من المناطق.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي