سوريا

بين روسيا والغرب.. دمشق تعيد رسم مسارها السياسي وسط حسابات معقدة

شاهد هذا الموضوع -بين روسيا والغرب.. دمشق تعيد رسم مسارها السياسي وسط حسابات معقدة- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي واستلام إدارة العمليات العسكرية زمام السلطة في سوريا، وجدت القيادة الجديدة نفسها أمام مشهد سياسي شديد التعقيد، حيث تتشابك المصالح الدولية بين روسيا والغرب في رسم مستقبل البلاد، وبينما تسعى موسكو إلى الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي، تضغط القوى الغربية لضمان مصالحها والحد من الهيمنة الروسية. 

وسط هذه الحسابات المتشابكة، تواجه الإدارة الجديدة تحدياً كبيراً في تحديد موقعها السياسي وتحقيق توازن بين القوى الدولية دون الانزلاق نحو التبعية لأي طرف، مما يضعها أمام اختبارات صعبة تتعلق بمستقبل البلاد ومصالحها. 

ولطالما لعبت روسيا دوراً محورياً في دعم النظام المخلوع، بدءاً من الدعم السياسي وحتى التدخل العسكري المباشر عام 2015 لمنع انهياره، كما تورطت في عمليات قصف وتهجير طالت ملايين السوريين، واستقبلت بشار الأسد وأموالًا ضخمة نُهبت من سوريا خلال سنوات حكمه. 

وفي إطار سعيها للحفاظ على وجودها في سوريا، تمتلك روسيا أوراقاً يمكن أن تقدمها للإدارة الجديدة، تشمل إمكانية توفير الدعم الأمني الداخلي، والدعم السياسي في مجلس الأمن، وعرقلة أي قرارات قد تحاول الدول الغربية فرضها، كما أن موسكو لا تضع شروطاً للتعامل مع حكومة الشرع على غرار الدول الغربية، لكنها تفتقر إلى القدرة على تمويل إعادة الإعمار ودعم الاقتصاد السوري المنهار. 

على الجانب الآخر، يربط المعسكر الغربي أي تطبيع مع سوريا ورفع العقوبات عنها بتنفيذ مجموعة من المطالب، أبرزها إخراج القوات الروسية من البلاد، إلى جانب تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وضمان حقوق الأقليات والمرأة. 

وغالباً ما تأتي هذه الشروط انطلاقاً من امتلاك الدول الغربية القدرة على تمويل مشاريع إعادة الإعمار، وتحكمها بملف العقوبات، فضلاً عن الدعم الذي تقدمه لـ”قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، وهو ما يثير قلق السوريين باعتبار مشروعها تهديداً لوحدة البلاد. 

بين روسيا والغرب: مكاسب وتحديات 

كان واضحاً أن صناع القرار في دمشق انتهجوا خلال الفترة الماضية سياسة براغماتية في إدارة العلاقات الخارجية، هدفها تحقيق مكاسب استراتيجية والوصول إلى توازن دقيق بين مختلف الأطراف. 

Ahmed al-Sharaa

وفي هذا الإطار، وجهت الإدارة السورية الجديدة رسائل متوازنة إلى الأطراف الدولية، حرصت خلالها على إبراز القضايا التي تهم كل معسكر، دون إظهار انحياز واضح أو محاولة التقرب من طرف على حساب الآخر. 

وفي تصريحاته الموجهة إلى الدول الغربية، ركز الرئيس السوري أحمد الشرع على أهمية بناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة، مشدداً على أن استقرار سوريا يسهم في تسهيل عودة اللاجئين، والتصدي لتهريب المخدرات، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية. 

أما في ما يتعلق بالعلاقات مع موسكو، فقد أكد الشرع أن روسيا تُعدّ ثاني أقوى دولة في العالم، وأن العلاقات السورية – الروسية قائمة على مصالح استراتيجية تجعلها أولوية في السياسة الخارجية لدمشق، موضحاً أن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى إقصاء روسيا من سوريا بما يتعارض مع طبيعة العلاقة التاريخية بين البلدين. 

ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أن سوريا ليست في وارد الانحياز إلى أي من المعسكرين الروسي أو الغربي في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أن الأولوية تكمن في بناء علاقات جيدة وقوية مع الغرب لتخفيف العقوبات الدولية، وإنهاء العزلة السياسية، وتوفير الظروف الملائمة لإعادة الإعمار، وهي عوامل تشكل عقبات رئيسية أمام نجاح عملية التحول في البلاد. 

وأوضح علوش، في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنه لا يمكن لسوريا بناء علاقة مع روسيا على غرار ما كان قائماً قبل سقوط الأسد، غير أن الحفاظ على علاقات ودية مع موسكو قد يحمل بعض الفوائد، لا سيما في الحد من مخاطر الانخراط في صراعات المحاور الإقليمية والدولية، كما أنها قد تمنح دمشق ورقة تفاوضية لتعزيز موقفها أمام الغرب. 

وسيحمل أي انحياز واضح لطرف دون الآخر تبعات سلبية على سوريا، إذ أن العلاقة مع موسكو لن تحقق الفوائد نفسها التي يمكن أن توفرها العلاقات الجيدة مع الغرب، كما أن التحديات الاقتصادية والأمنية، وعلى رأسها ملف “قسد”، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، والحصول على الاعتراف الدولي، تستوجب بناء علاقة قوية مع الدول الغربية، وفقاً لعلوش. 

من جانبه، يرى الباحث والمستشار السياسي باسل الحاج جاسم أن الإدارة الجديدة قد تحقق مكاسب مختلفة بناءً على توجهاتها السياسية، فالانحياز إلى روسيا يضمن استمرار الدعم العسكري والسياسي، إلى جانب تسهيلات اقتصادية وتجارية، خصوصاً في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا ميخائيل أونماخت - تلفزيون سوريا

أما الانحياز إلى الغرب، فيوضح الحاج جاسم، في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن ذلك قد يفتح الباب أمام تخفيف العقوبات الاقتصادية بشكل تدريجي، وتوفير دعم مالي لإعادة الإعمار، إضافة إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية والحصول على شرعية دولية. 

وأضاف: “لكن لكل خيار تبعاته السلبية، فالانحياز الكامل إلى روسيا قد يؤدي إلى استمرار العقوبات الغربية وتعثر مشاريع إعادة الإعمار، إضافة إلى العزلة الدولية في ظل تراجع النفوذ الروسي عالمياً، فضلاً عن الضغوط الداخلية الناجمة عن الأزمات الاقتصادية”. 

في المقابل، قد يعرقل الانحياز إلى الغرب استقلال القرار السوري بسبب الشروط الغربية، التي قد تتضمن ضغوطاً وابتزازاً سياسياً يؤثر على السياسة الداخلية والخارجية لدمشق، بحسب محدثنا. 

تحقيق التوازن في العلاقة مع روسيا والغرب 

من الناحية النظرية، يمكن للإدارة السورية الجديدة تبني سياسة الحياد الإيجابي، كما فعلت دول مثل مصر خلال الحرب الباردة، لكن عملياً، يبدو تحقيق توازن مثالي صعباً في ظل التوترات الروسية الغربية. 

ومع ذلك، يعتقد الحاج جاسم أن بإمكان دمشق اعتماد نهج براغماتي يركز على المصالح الاقتصادية والسياسية دون استعداء أي من الطرفين، مشدداً على أن قدرة الإدارة السورية على المناورة السياسية ستكون حاسمة في هذا الإطار. 

ويمكن لسوريا الاستفادة من روسيا أمنياً واقتصادياً، مع تقديم تنازلات محدودة للغرب لجذب الاستثمارات وتمويل إعادة الإعمار، دون أن تصل العلاقة مع موسكو إلى القطيعة، وفي هذا السياق، يستعرض الحاج جاسم الخيارات المتاحة أمام الإدارة الجديدة، وهي: 

  • عدم الابتعاد عن روسيا بالكامل، مع البحث عن حلول لتخفيف العقوبات الغربية. 
  • إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الغرب دون تقديم تنازلات جوهرية قد تضر بالعلاقة مع موسكو. 
  • تبني سياسة عدم الانحياز، والتركيز على تحقيق مصالح اقتصادية مع كلا الطرفين. 

وفي ظل صعوبة الحصول على دعم غربي مع استمرار الوجود العسكري الروسي في سوريا، حيث تربط الدول الأوروبية وأميركا أي دعم اقتصادي بإصلاحات سياسية وانسحاب القوات الروسية، يمكن لدمشق استغلال قضايا اللاجئين والأوضاع الإنسانية، إضافة إلى حاجة الغرب للاستقرار الإقليمي، كورقة ضغط للحصول على بعض التنازلات، وفقاً لمحدثنا. 

بين روسيا والغرب.. أي الخيارين أفضل لمصلحة سوريا؟ 

تقف الإدارة السورية أمام خيارات متباينة في تحديد الجهة الأكثر قدرة على التأثير في مستقبل البلاد، والمفاضلة بين روسيا، التي دعمت النظام المخلوع سياسياً وعسكرياً لكنها أخفقت في تقديم حلول اقتصادية له، وبين الدول الغربية، التي دعمت المعارضة لكنها تقاعست قبل إسقاط الأسد عن فرض استراتيجية فعالة لحل الأزمة في البلاد، وعملت بدلاً من ذلك على إدارة الأزمة عبر التركيز على العقوبات أكثر من تقديم بدائل عملية لتحقيق الاستقرار. 

مرحلة انتقالية في سوريا على رأسها أحمد الشرع.. ما أبرز عناوينها؟

ويعتقد الباحث في الشؤون الدولية محمود علوش أن المسار الأفضل للسياسة الخارجية السورية يتمثل في بناء علاقات متوازنة مع مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين، بما في ذلك تركيا والسعودية، مع تعزيز التعاون مع الغرب لضمان المكاسب السياسية والاقتصادية. 

وأشار إلى أن خيارات الإدارة الجديدة بين روسيا والغرب ستتأثر بما يمكن أن يقدمه الغرب لدعمها، مضيفاً أن استعداد الدول الغربية لتقديم الدعم قد يدفع دمشق إلى اتخاذ خطوات تتماشى مع رؤيتها ومطالبها تجاه موسكو. 

من جانبه، يؤكد الباحث باسل الحاج جاسم أن الخيار الأفضل لسوريا هو تبني نهج الحياد الإيجابي، والتعامل ببراغماتية مع جميع الأطراف لضمان الاستقرار والاستفادة من الفرص المتاحة. 

ورجح أن تحافظ الإدارة السورية على علاقاتها مع روسيا، لكن مع تغييرات تتماشى مع التطورات الإقليمية والدولية، خاصة في ظل تغير طبيعة الدور الروسي في سوريا، كما أنها ستسعى إلى تحسين علاقاتها مع بعض الدول الغربية والعربية لتخفيف الضغوط الاقتصادية. 

 

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,بين روسيا والغرب.. دمشق تعيد رسم مسارها السياسي وسط حسابات معقدة, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى