“ديجيتال سوريا”.. مجتمع ريادي يسعى لنقل تجارب رقمية ناجحة إلى دمشق

بدأ السوريون في بناء مجتمعهم المدني بعد عقود من تغييبه وحرمانهم من التفاعل والتدافع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحتى التقني.

ومنذ اندلاع الثورة السورية، منتصف آذار 2011، شرع السوريون في اكتشاف ذواتهم عبر تأسيس التنسيقيات الثورية والمجالس المحلية بهدف تنظيم نشاطاتهم والمساهمة في إسقاط النظام، لكن مع تصاعد عَسكرة الثورة، واجهها النظام بحرب شرسة معتمداً شعاره “الأسد أو نحرق البلد”، وبعد 13 سنة، استطاع السوريون إسقاط النظام، مُنقذين ما تبقى من وطنهم.

وفي مرحلة ما بعد السقوط، بدأت عملية إعادة الإعمار، وهي عملية متشعبة تشمل كل القطاعات، ومن هنا انطلقت العديد من المبادرات والمشاريع لدعم انتقال سوريا من عهد الاستبداد والفساد إلى مرحلة البناء، مع تمكين المجتمع السوري بمختلف فئاته وتخصصاته.

قبل عدة سنوات، أطلق مجموعة من روادي الأعمال المهتمين بالتحولات التقنية والتجارة الإلكترونية مجتمع “ديجيتال إسطنبول”، الذي يهدف إلى مساعدة روادي الأعمال السوريين والعرب على الاستفادة من خبرات بعضهم البعض، وفهم السوق التركي وقوانينه، وبناء علاقات تعزز التعاون والشراكات.

وقدّم المجتمع ورشات عمل وندوات ومؤتمرات ساعدت الناجحين على التطور، ووجهت المتعثرين لتجنب العقبات الاقتصادية والقانونية، كما أنّ نشاط “ديجيتال إسطنبول” لم يقتصر على تركيا، بل امتد إلى قطر والإمارات والسعودية ودول أوروبية.

وبناءً على هذه التجربة، عملت مجموعة من روادي الأعمال السوريين بمختلف التخصصات على تأسيس مجتمع “ديجيتال سوريا”، مستفيدين من خبراتهم السابقة، بهدف الإسهام في بناء سوريا المستقبل برؤية استراتيجية وآفاق واعدة.

وفي هذا السياق، التقى موقع تلفزيون سوريا مع اثنين من مؤسسي “ديجيتال سوريا”، مجاهد عقيل وطريف خشانة، بعد اجتماعهما مع وزير الاتصالات والتقنية في الحكومة الجديدة، حيث تم خلال اللقاء مناقشة أهداف المجتمع، رؤيته، كوادره، وأبرز التحديات التي تواجه روادي الأعمال في سوريا اليوم.

ما مجتمع “ديجيتال سوريا” ومن يقوم عليه؟ وما أبرز أهدافه؟

“ديجيتال سوريا”: هو مجتمع من الخبراء التقنيين يهدف إلى بناء الهوية الرقمية السورية وتعزيز بيئة ريادة الأعمال في سوريا، ويتمثّل دوره في تمكين الكفاءات السورية الرقمية داخل سوريا وربطها بشبكة من الخبراء الدوليين والشركات العالمية والمنظمات الدولية.

ويقود هذا المجتمع، مجموعة من رواد الأعمال والمختصين السوريين الذين حقّقوا نجاحات في قيادة مبادرات مشابهة في دول مختلفة، ومن أبرز أهدافه:

• التحول الرقمي وبناء الحكومة الرقمية.
• تطوير البنية التحتية الرقمية.
• دعم ريادة الأعمال وتعزيز الابتكار.
• بناء شراكات واستثمارات استراتيجية.

ما الذي يميز “ديجيتال سوريا” عن غيره من المبادرات المتعلقة بالتقنية وريادة الأعمال؟

• استقطاب الكفاءات السورية داخل سوريا لفهم الواقع بشكل سليم.
• ربط الكفاءات السورية عالمياً للاستفادة من خبراتها في خدمة سوريا.
• تركيزه على بناء نظام رقمي متكامل يشمل الحكومة الرقمية، وريادة الأعمال، والبنية التحتية.
• تنوع مساراته التي تغطي الاقتصاد الرقمي، مثل الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والشراكات الاستثمارية.
• اعتماده على خبرات تراكمت من تجارب ناجحة في دول متعددة مع مراعات احتياجات وتحديات السوق السوري.

هل كانت هناك قوانين تعيق الاستثمار التقني في سوريا؟

نعم، استغل النظام العقوبات المفروضة عليه لإهمال البنية التحتية التقنية، كما أن القوانين السابقة كانت تعيق الاستثمارات بسبب قيود الأجهزة الأمنية على رواد الأعمال، وضعف الحماية القانونية للمستثمرين، وغياب إطار تنظيمي يدعم الابتكار.

حالياً، هناك فرصة لتجاوز هذه التحديات بدعم الحكومة الجديدة والتركيز على دعم التحول الرقمي.

هل البنية التحتية في سوريا جاهزة لريادة الأعمال التقنية؟

الوضع الحالي للبنية التحتية الرقمية في سوريا يواجه تحديات عديدة، مثل ضعف خدمات الإنترنت، وتأثرها بالعقوبات الدوليّة على المعدّات والخدمات التقنية،، وعدم تكامل أنظمة البيانات والسيادة الرقمية.

ومع ذلك، يعمل مجتمع “ديجيتال سوريا” على تقييم الوضع واقتراح خطط لتحسين البنية التحتية بالتعاون مع خبراء محليين ودوليين، لدعم القطاعين الحكومي والخاص.

هل تطمحون لنقل خبرات من دول تقيمون فيها إلى سوريا؟

نعم، يُعد نقل الخبرات أحد الأهداف الأساسية، حيث يعتمد المجتمع على الكفاءات السورية في الداخل والخارج لإعادة بناء الاقتصاد الرقمي وتطوير المهارات المحلية، من خلال تبادل الخبرات وتنفيذ مشاريع تتناسب مع السياق السوري.

ماذا عن لقائكم مع وزير الاتصالات؟

كان اللقاء إيجابياً وركز على مناقشة “التعميم رقم 1/44” بتاريخ 6-1-2025، المتعلق بضرورة مراجعة الهيئة الناظمة للاتصالات للحصول على تراخيص التطبيقات الإلكترونية، والتي وُضعت من قبل النظام البائد لأغراض التجسّس وخرق الخصوصية وفرض الاحتكار على شركات وجهات مقرّبة منه.

وقد أُثيرت مخاوف بشأن الأثر السلبي لهذا التعميم على رواد الأعمال، وطُرحت مقترحات لتعديله بما يتماشى مع القوانين العالمية الحديثة.

وأثمر اللقاء عن اتفاق على تنظيم ورشة عمل مشتركة تضم الأطراف المختصة لصياغة قانون جديد يلبّي احتياجات القطاع ويدعم نمو المشاريع التقنية وروّاد الأعمال السوريين.

هل لديكم رؤية دقيقة لواقع الخدمات في سوريا؟

“ديجيتال سوريا” في مرحلة تقييم دقيقة وشاملة للبنية التحتية والوضع الحالي للخدمات، بالاعتماد على معلومات وخبرات داخل سوري، ويجري العمل حالياً على إعداد تقارير تقييمية لتحديد الأولويات ووضع خطط لتحسين البيئة الرقمية والخدمية والريادية.