سوريا

لماذا أخرج نظام الأسد سجناء صيدنايا الجهاديين؟

شاهد هذا الموضوع -لماذا أخرج نظام الأسد سجناء صيدنايا الجهاديين؟- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

قبيل اندلاع الثورة في سوريا، وعلى وقع تصاعد موجات الربيع العربي؛ أعدّ نظام بشار الأسد مجموعة من الإجراءات التي قرر أن يلجأ إليها لاحتواء أي شرارة ربما تحدث وإخمادها. ومن الطبيعي أن يتصدر القائمة مرسوم عفو عن السجناء السياسيين، بالإضافة إلى وعود بدراسة بعض الإصلاحات الدستورية والقانونية، وإطلاق درجة من الحريات، وزيادة رواتب موظفي القطاع العام، وتلبية مطالب قطاعية ومحلية هنا وهناك.

وقد تزامن ذلك مع حدث كان مقرراً مسبقاً في 16 آذار 2011، أي في اليوم التالي للمظاهرة الأولى التي افتتحت بوابة الثورة، وهو اعتصام أهالي السجناء السياسيين ومناصريهم أمام مبنى وزارة الداخلية. وكان من أبرز مطالبهم أن يُشمل أبناؤهم وذووهم بما يسمّى «ربع المدة» أسوة بالسجناء العاديين، وهو أن تُحسب السنة السجنية تسعة أشهر فقط في حال حسن السير والسلوك، وهذا تقييم روتيني عادة.

كانت السلطة قد رفضت الاستجابة لهذا المطلب عندما رفعه المعتقلون أثناء وبعد استعصاء سجن صيدنايا في عام 2008، وهو السجن الذي كان يحوي الأغلبية الساحقة من السجناء السياسيين، وكانت أكثريتهم تنتمي إلى التيار السلفي الجهادي. إذ تقول تقديرات إن عدد من شهدوا الاستعصاء كان حوالي 1250، يتجاوز الإسلاميون منهم الألف. ولذلك كانوا أكثرية المفرج عنهم بعد موافقة النظام على إدخال الجميع في حساب ربع المدة، فأخرج حوالي 280 معتقلاً في 26 آذار، من بينهم، مثلاً، بعض معتقلي الأحزاب الكردية الذين انطبق عليهم، كما الآخرين، هذا الشرط الرقمي لا حسابات أمنية من أي نوع.

وكذلك كانت النسبة عندما أصدر بشار الأسد عفواً رئاسياً، في 31 أيار من السنة نفسها، خرج بموجبه، بالإضافة إلى الإسلاميين، معتقلون من «حزب العمل الشيوعي» كانوا قد أمضوا سنتين رهن الاعتقال، ورغم أن «رأس الدعوى» منهم، كما تقول المصطلحات السجنية، كان قد حُكم بالسجن سبع سنوات، والبقية أربعاً.

ومن الضروري هنا أن نلاحظ أن أعوام ذروة اعتقالات «جيل الاستعصاء» هذا كانت بين 2005 و2006. ولأن أكثرهم أبناء قضايا غير خطرة فقد قضت «محكمة أمن الدولة العليا» بسجنهم لمدد تتراوح بين خمس وست سنوات على العموم. أي أن الإفراج الطبيعي عنهم كان سيصادف قبيل الثورة أو خلال سنتها الأولى، ناهيك عن تأثير احتساب ربع المدة وعن مراسيم العفو المتتالية التي كانت تشمل الجنائيين والسياسيين وتطال الأقرب إلى الخروج لانتهاء مدة حكمه.

ومن الطبيعي، والحالة هذه، أن يخرج أصحاب الأحكام الأقصر، والتهم الهامشية، وأن يبقى القادة البارزون الذين تراوحت أحكامهم بين عشرة وخمسة عشر عاماً. ولو كان في مخطط النظام أن يطلق الجهاديين لأسلمة الثورة وعسكرتها، كما تقول أسطورة شديدة الرواج، لأفرج عن المخضرمين لا عن المعتقلين بتهم تصفح المواقع الجهادية أو تداول سيدياتها أو التستر على نشاط فاعليها.

وبطبيعة الحال فإنه لا عبرة لما سيؤول إليه السجين بعد الإفراج عنه، لأن التقييم في سنة 2011 اعتمد على ملفه الورقي وحكمه القضائي. ولا يمكن لمن أخرج عبد الناصر الياسين، مثلاً، أن يتنبأ أن هذا الشاب، المحكوم لتهمة يسيرة، سيصبح «أبو طلحة العسكري» أحد أوائل مؤسسي «حركة أحرار الشام». ولو كان يريد الإفراج عن الأكثر شراسة وخبرة بين السجناء لأخرج الستة الذين حكم عليهم بأنهم قادة المجموعات ورموز الشغب أثناء الاستعصاء ونفّذ فيهم حكم الإعدام في 13 آذار 2011.

وفي حزيران من العام نفسه، بعد تصاعد الثورة وتزايد أعداد المعتقلين، أفرغ النظام سجن صيدنايا من معتقليه الإسلاميين القدامى، ليحوّل إليه الموقوفين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات. ونقل الأولين، بناء على طلب سابق أيضاً، إلى السجون المدنية التي يتبعون لها بحكم محافظاتهم؛ كسجن دمشق المركزي (عدرا) وسجن حلب المركزي (المسلمية) وسجون حمص وحماة واللاذقية والرقة وغيرها. وهناك أتيحت لهم الزيارات وحيازة أجهزة الموبايل، بشكل شبه معلن، وتصفح الإنترنت والتواصل. وحين ألغيت «محكمة أمن الدولة العليا» تم تحويل أضابيرهم إلى المحاكم العادية فصار من الممكن الاطلاع عليها وتدخل المحامين فيها وحتى اللجوء إلى الرشوة لإخلاء سبيل المتهم أو إخراجه بتراكم مراسيم العفو واللجوء إلى ربع المدة أخيراً.

ومن السجون المدنية خرج أصحاب الأحكام الأطول بعد أن تأسلمت الثورة، ولو كان قصد النظام ذلك لسارع إلى إخراجهم قبلاً. فعلى سبيل المثال ظل مظهر الويس، الذي سيصبح قيادياً في «جبهة النصرة» وشرعياً بارزاً في «هيئة تحرير الشام» في سجن محافظته دير الزور حتى خرج في نيسان من عام 2013. وشهد العام التالي عفواً واسعاً طال عدداً كبيراً من سجناء صيدنايا الثورة، ومنهم كثير من الضباط المتهمين بمحاولة الانشقاق. فهل غيّر النظام مخططه وقتئذ وقرر الإفراج عن العسكريين لدعم الجناح المنظم من الجيش الحر في مواجهة الإسلاميين أيضاً!

في الخلاصة، ظن النظام في عام 2011 أنه يواجه تحدياً كبيراً جديداً عليه أن يتفرّع له، وأن صفحة صراعه مع الجهاديين صارت من الماضي، فاتخذ إجراءاته للإفراج عنهم ضمن مجمل السجناء السياسيين وعبر الآلية البيروقراطية المعتادة، ظناً منه أنهم تعلموا درساً قاسياً في السجن. فمثلاً عندما قررت المخابرات العسكرية، بعد اندلاع الثورة بشهرين، الإفراج عن بعض المعتقلين الإسلاميين لديها ممن لم يُعرضوا على المحكمة، بينهم محمد الدسوقي الذي سيصبح «أبو يزن الشامي» نائب رئيس «حركة أحرار الشام الإسلامية» ومنظّرها المؤثر؛ قال لهم العميد منير شليبي، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في فرع فلسطين، في جلسة الوداع: «لا تعملوا معنا مخبرين.. بس انصحوا الناس ووعّوهم».

شارك هذا المقال

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,لماذا أخرج نظام الأسد سجناء صيدنايا الجهاديين؟, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى