“لم تعد بوقاً لنظام الأسد”.. وكالة الأنباء السورية الرسمية تدخل حقبة جديدة

شاهد هذا الموضوع -“لم تعد بوقاً لنظام الأسد”.. وكالة الأنباء السورية الرسمية تدخل حقبة جديدة- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
وأخيراً عثر زياد محاميد على الوظيفة التي يحلم بها، إذ خلال الدور الذي لعبه في السابق ضمن الفريق الإعلامي لهيئة تحرير الشام، كان يفكر معظم الوقت بوكالة الأنباء السورية الرسمية، التي كانت بوقاً لنظام الأسد الذي يعتبره معارضاً له، وما الذي بوسعه أن يقدمه لو شغل منصب الإدارة في تلك الوكالة، وها هو الآن قد شغل هذا المنصب، لكنه بوصفه معيّناً من طرف حكومة تصريف الأعمال، فإن منصبه يعتبر منصباً مؤقتاً، غير أن ما خططه لوكالة الأنباء العربية السورية يصل إلى مرحلة بعيدة مستقبلاً.
يعلق محاميد على ذلك بقوله: “إن الهدف على المدى القصير الآن هو الاحتفاظ بالصحفيين وتوظيف كوادر محترفة حقاً، أما الهدف البعيد فهو تحويل سانا إلى وكالة أنباء دولية تليق بالبلد، ويمكن لها أن تكون وكالة حكومية، لكن بكل تأكيد لن تكون بوقاً للنظام”.
إن هذا الشاب البالغ من العمر 32 عاماً والذي برع في إنتاج فيديوهات المسيرات، ووثائقيات في إدلب التي كانت بيد الثوار، صُدم عندما وصل إلى دمشق واكتشف أن وكالة سانا ما تزال تستخدم حواسيب يعود عمر البرمجيات فيها لعقود خلت، ويخبرنا بأنه لا يوجد لدى مكتب دمشق سوى كاميرتي فيديو عتيقتين، ولهذا فإنه يسعى لتغيير الأمور على جناح السرعة.
حرية التعبير بين التأكيد والنفي
ولكن الشك ما يزال يحيط بهذه الوكالة التي أعيد تشغيلها وهل بوسعها في نهاية المطاف أن تنشر محتوى يشتمل على انتقاد للحكومة الجديدة في سوريا والتي تترأسها هيئة تحرير الشام أم لا، وعن ذلك يعلق محاميد وهو يبتسم ابتسامة غامضة ويقول: “لا نعرف بعد، إذ ليس بوسعنا أن نؤكد أو أن ننفي”.
وصف أحد الصحفيين القدامى في سانا، واسمه مازن عيون، مدير قسمه الذي بقي يشغل هذا المنصب طوال عقدين بقوله: “كان لساناً للحكومة”، إذ برع نظام الأسد في هذه البروباغاندا، فإلى جانب أبواق النظام وعلى رأسها سانا والقنوات التلفزيونية التي وصفت المعارضين بالإرهابيين، سعى النظام الديكتاتوري البائد للتعامل مع المؤثرين وأصحاب المدونات المتعاطفين معه من أجل تصدير صورة حسنة عنه للناس.
بعد شهر من هروب بشار الأسد من البلد الذي حكمته عائلته لأكثر من نصف قرن، تحولت مكاتب صحيفة البعث التابعة للدولة ولحزب البعث إلى بناء مغبرّ، بعد أن استخدم كمقر لوزارة الإعلام الجديدة في سوريا. وقد عيّنت الحكومة الانتقالية شخصيات مثل محاميد لرئاسة بعض الأجهزة التي كانت تبث دعاية النظام والتي سبق أن وصمتهم بأنهم إرهابيون، في حين تحيط الشكوك بمن عملوا هناك في السابق، والذين باتوا يخشون من جملة من العواقب، تبدأ باتهامهم بالوقوف إلى صف نظام الأسد وطردهم من وظائفهم، وصولاً إلى تعرضهم للملاحقة القضائية بسبب انحيازهم إلى قوات النظام طوال فترة الحرب.
كانت سنوات حكم آل الأسد محملة بالمصائب بالنسبة للصحفيين، إذ وثقت منظمة مراسلون بلا حدود وقوع 181 حالة قتل لصحفيين على أيدي النظام وحلفائه منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، ناهيك عن اختفاء أعداد أكبر من الصحفيين في السجون.
لحظة عز بعد الحزن والعار
يصف لنا الإعلامي حسام حجازي الذي أذاع نبأ انتهاء حقبة الأسد عبر التلفزيون الرسمي أن تلك اللحظة كانت أكثر لحظة أحس فيها بالفخر والاعتزاز في حياته، إذ وصل إلى المكان الذي عمل فيه طوال عقود قبل سويعات من هروب الأسد، وقدم النشرة التي كتبها قادة الثوار، من دون أن يضيف عليها سوى بعض التصويبات اللغوية.
ويخبرنا بأن بشار الأسد نفسه الذي يصفه اليوم بالقاتل، والذي أجبر نفسه على مقاومة رغبته في ضربه أثناء بث مباشر غطّى مسيرة مؤيدة شائنة في عام 2012، قد رحل أخيراً، ويعلق على ذلك بقوله: “كنت أحس بالحزن في بعض الأحيان، وبالخزي والعار في أحيان أخرى، لأني كنت أعرف أن الأخبار التي نبثها كاذبة”.
وبصوته الإذاعي الجهوري، سرد حجازي الأحداث التي وقعت في ذلك الصباح عندما أعلن أن: “الحرية تشرق على سوريا في الوقت الذي تشرق الشمس على البلد في ذلك الصباح”، وأخذ المعارضون السوريون يفردون العلم الأخضر فوق مكتبه، كما ذكر أنه تأكد قبل أن يخرج على الهواء أن عناصر مخابرات النظام قد رحلوا، خشية عودة ضباط الجيش الذين ينقلون بث القناة عبر الهواء كل يوم وقيامهم باعتقاله، أما المهندس الذي صاغ العنوان الذي يعلن نهاية نظام الأسد فقد أخذت يداه ترتجفان في أثناء كتابة تلك العبارة على حد قول حجازي.
هل سينطلق التلفزيون السوري الرسمي من جديد؟
يخبرنا حجازي الذي أعلن أنه كان معارضاً لحكم الأسد، بأنه لا يدري ما الذي سيحدث له بعد الآن، فقد عرضت حكومة تصريف الأعمال على موظفي الدولة العاملين في التلفزيون أن يعملوا في قناة خاصة تابعة للمعارضة موجودة في تركيا، لكنهم رفضوا ذلك، ولذلك تقلقه فكرة انقطاعه عن البث المباشر والطرد من العمل، هو وأربعة آلاف موظف غيره عملوا في التلفزيون السوري، وأضحوا اليوم بلا أي راتب، ويعلق على ذلك بقوله: “لا يمكنهم طرد كل هذا العدد من موظفي الدولة بلا سبب، لكن في ذلك تحدٍّ كبير، لأن الوافدين ليسوا بأصحاب خبرة في مجال العمل بالتلفزيون، بما أن كل خبراتهم تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي”، وأعرب عن خشيته من احتمال رفض الحكومة الجديدة إعادة إطلاق التلفزيون الرسمي.
في هذه الأثناء، ومع تنامي قطاع الإعلام السوري المستقل الذي عانى من وحشية النظام السابق ومراقبته، أصبح هذا القطاع يرغب في الوصول إلى حرية صحافة حقيقية، فقد طالب تحالف للقنوات التلفزيونية السورية بإلغاء وزارة الإعلام، وفرض حماية قانونية على حرية الكلام، ومحاكمة كل من لاحقوا الصحفيين في ظل حكم الأسد.
“بانتظار الأفعال لا الأقوال”
يخبرنا عيون وحجازي بأنهما يستبعدان أمر ملاحقتها قضائياً بسبب مزاولتهما لعملها، ولكن في الوقت الذي سمعا فيه وعوداً بقيام صحافة حرة، لم يتحقق منها سوى النزر القليل حتى الآن، وهذا ما دفع حجازي إلى القول: “إننا بانتظار الأفعال، لا الأقوال”.
أما محاميد فيقول: “سيشهد الشعب السوري حرية في التعبير، لكنهم بحاجة إلى الوقت حتى يتمكنوا من ممارستها”.
يخبرنا عيون الذي كان عمله في سانا يقوم على إعادة صياغة البيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية بأنه يتطلع للخروج من تكرار ما سمّاه “اللغة الخشبية” التي سادت طوال عقود لتصفَ النجاحات المزعومة للنظام البائد، ويخبرنا كيف تشاجر مع أحد المحررين بسبب طريقة وصفه للمتظاهرين المناهضين للنظام السابق، لكنه خشي أن يتفوه بأي شيء عمن استهدفهم الأسد.
عاد عيون إلى مزاولة عمله بعد أسبوع من سقوط الأسد وذلك إثر مكالمة وصلت إليه من مديره أخبره فيها بأن عليه الأمان وبأنه بوسعه العودة إلى عمله، وفي اليوم الأول بعد العودة، ألفى عيون نفسه وحيداً في المكتب، فجلس إلى طاولته وفتح أحد الحواسيب التي نجت من بعض النهب الذي طال المكان، وأخذ يسأل نفسه: ماذا عساه أن يفعل الآن”.
يروي لنا هذا الرجل وبكل فخر أولَ عمل احترافي حرّ له، وهو تغيير شعار قنوات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للوكالة ليحمل علم الثورة التي أسقطت بشار الأسد.
المصدر: The Guardian
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي