هل يجب سن قانون يحاسب من ينكر جرائم حرب نظام الأسد بحق السوريين؟
شاهد هذا الموضوع -هل يجب سن قانون يحاسب من ينكر جرائم حرب نظام الأسد بحق السوريين؟- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
تعيش سوريا اليوم مرحلة جديدة كلياً بعد انتصار الثورة السورية على حكم النظام الذي استمر 54 عاماً في عهد حافظ و نجله المخلوع بشار الأسد الذين ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري التي ترقى إلى مصاف جرائم “الإبادة الجماعية”، خصوصاً خلال الـ 14 عاماً الماضية، في الوقت الذي تجد من يسعى لإنكارها أو نفي حدوثها، رغم الشهادات المثبتة والأدلة على وقوعها.
ويعمل بعض فلول النظام المخلوع الذين يظهرون على قنوات الإعلام أو عبر حساباتهم الرسمية على مواقع التواصل، كل جهدهم لوضع كافة الأطراف العسكرية في سلة واحدة، ومحاولة خداع المجتمع السوري بأن القادم سيكون شبيهاً بالماضي، رغم الفظائع التي خرجت على وسائل الإعلام في سجون النظام ومعتقلاته، وليس سجن صيدنايا إلا واحداً من مئات ارتكب فيها أشنع عمليات تعذيب المعتقلين والمختفين قسرياً.
وارتكبت قوات النظام السوري بقيادة بشار حافظ الأسد كل أنواع الجرائم مستخدمة جميع الأسلحة المحرمة دولياً بما في ذلك السلاح الكيماوي والفسفور الأبيض وصواريخ السكود والبراميل المتفجرة، إلى جانب عمليات التهجير القسري لإحداث تغيير ديموغرافي بعد دك المدن على رؤوس أصحابها.
ويتساءل ناشطون سوريون في جلساتهم السياسية المستمرة بعد سقوط النظام عن إمكانية سن قانون سوري يقضي بتجريم ومحاسبة من ينكر وقوع جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ترقى بمجملها إلى جريمة إبادة جماعية ضد الشعب السوري من قبل النظام المخلوع وبدعم مباشر من إيران وروسيا.
كما يطالبون بسن قانون يمنع تمجيد الرئيس المخلوع باعتباره قائد منظومة ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عن سبق تخطيط وإصرار وترصد.
كيف يرى سوريون إصدار قانون من هذا النوع؟
واستطلع موقع تلفزيون سوريا آراء السوريين في دمشق وريفها وعبر نموذج إلكتروني في عينة شملت 9 آلاف شخص شملت مختلف الشرائح العمرية والفكرية، ضمن السؤال المحدد “هل أنت مع سن قانون لتجريم من ينكر الإبادة الجماعية في سوريا؟”.
وكانت النتيجة أن أكثر من 96.7% منهم قالوا إنهم يؤيدون سن قانون لتجريم من ينكر وجود جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تصل إلى حد الإبادة الجماعية، و2.4% لا يؤيدون، و0.9% أجابوا بأنهم لا يؤيدون ولا يرفضون ذلك.
ويعد إنكار حدوث جرائم بحق الشعب السوري على يد روسيا وإيران ونظام الأسد رفض أو تجاهل الوقائع والأدلة التي تشير إلى تورط هذه الأطراف في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أو جرائم حرب ترقى بمجملها لارتكاب “إبادة جماعية” بحق مواطنيين سوريين.
ويشمل هذا الإنكار إما التقليل من حجم الجرائم أو نفيها بشكل كامل، بالرغم من وجود شهادات ودلائل موثوقة من منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، إلى جانب شهادات من نجا.
والتحقيق في حدوث هذه الجرائم هو جزء من عملية توثيق وتحميل المسؤولية التي يمكن أن تؤدي إلى مساءلة قانونية دولية بحق النظام الذي زج بالجيش والقوات المسلحة لاستهداف الشعب بدءاً من إطلاق الرصاص العشوائي والقصف الممنهج وتدمير المدن، وليس انتهاءاً بحملات المداهمة والاعتقال لملايين السوريين.
في المقابل، يؤدي إنكار هذه الجرائم الموصوفة بحق السوريين، إلى إهانة الضحايا وذويهم والإساءة لدمائهم التي سالت في سبيل حرية السوريين وانعتقاقهم من الاستبداد، وإعاقة لمبدأ العدالة والمحاسبة ودعوة لإفلات المجرمين من العقاب.
لماذا يجب أن يكون هناك قانون لتجريم إنكار المحرقة السورية؟
وفي الحديث عن أهمية سن قانون لتجريم من ينكر الجرائم المرتكبة في سوريا: قال مدير مؤسسة الذاكرة السورية، الباحث عبد الرحمن الحاج، إن “إصدار قانون يجرم إنكار الإبادة السورية ضرورة، لأنه جزء من العدالة للضحايا والاعتراف بأنهم ضحايا، لا يجب أن يكون الضحايا ضحايا مرتين، مرة بوقوع الجريمة، ومرة بإنكارها”.
وأضاف الحاج في حديث مع موقع “تلفزيون سوريا” أنه “يفضل أن يكون القانون جزءاً من الإعلان الدستوري، وأن يكون يضمن كمادة دستورية في الدستور الدائم”.
ويرى الحاج أن دعم عودة نظام الأسد أو تأييده أو رفع رموزه هو جريمة بمنزلة موافقة على ممارسة جرائم إبادة ضد الإنسانية.
وأشار إلى أنه يوجد أمثلة دولية فمثلا “سبق وأن اعتمدت الأمم المتحدة قراراً يدين إنكار الهولوكوست في 26 من كانون الثاني 2007. وأعلنت الجمعية العامة أن الإنكار “يعادل الموافقة على الإبادة الجماعية في كل أشكالها”، واعتمد الاتحاد الأوروبي قراراً إطارياً بشأن مكافحة العنصرية وكراهية الأجانب (2008/913/JHA). يدعو فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتأكيد على أن من ينكر محرقة اليهود يجب أن يعاقب بموجب القانون”.
هل هي جرائم ضد الإنسانية أم جرائم إبادة جماعية؟
من جانبه، قال المحامي والحقوقي السوري زهير مارديني، إن “مصطلح الإبادة الجماعية يُستخدم بشكل عاطفي إعلامياً ومن بعض عدد لابأس به من المتصدين للشأن الحقوقي حَسني النية لتوصيف ماجرى ممارسته من آلة النظام العسكرية والأمنية ضد المكوّن الديموغرافي الأكبر في سوريا، لكن التعريف الواضح لهذا المصطلح وفقاً للاتفاقية الناظمة له وهي (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948) هو التالي: أي فعل يرتكب بقصد تدمير، كلياً أو جزئياً، جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه.
ووفقاً لهذا المعيار الدقيق فإنه لم يتم توصيف وجود هذه الجريمة إلا ضد المكون الإيزيدي في سوريا والعراق، وهنا غير خافٍ أن عتبة إثبات هذا التوصيف على ممارسات النظام أمام القضاء المختلط والدولي في قصف المدن وتهجير أهلها عالية وشاقّة قياساً باللجوء إلى التوصيف الأكثر اتساقاً وأقل إرهاقاً في الإثبات مستقبلاً في هذا الشأن وبالتالي ستكون أكثر جدوى في المحاسبة”.
وأوضح مارديني في حديث مع موقع “تلفزيون سوريا” أنه “هنا يجب التمييز وسلوك الطريق القانوني الأجدى مبدأياً والمتناسب مع مشاريع السلم الأهلي التي ستظهر بلا شك بين مكونات الشعب السوري، وإن كان ذلك لا يمنع من تكريم الضحايا وتعويض ذويهم وإقامة النُصب والمناسبات السنوية للتذكير بمأساتهم على غرار ما جرى في البوسنة والهرسك”.
وتابع أنه “أخذاً بالاعتبار خصوصية الحالة السورية على اعتبار أن تراتبية اتخاذ القرار الأمني والعسكري ذات لون طائفي محدد فإنه من الأجدى للسلم الأهلي مستقبلاً أن تنخرط الطائفة المعنية بإجراءات تسمح لها بأن تكون مقبولة مجتمعياً بعد سقوط النظام، كتقديم بيانات الإعتذار وتسليم المتورطين بأعمال القتل المباشر وغيرها من التي سنفرد لها مباحثات بالتعاون معكم مستقبلاً”.
وأكمل مارديني أن “تعريف الجرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي 1998 بأنها: هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد أي مجموعة من السكان المدنيين. وهذا يبدو جلياً وغير مختلف عليه وفقاً للتصريحات والدعاية الرسمية للنظام الحاكم وشخوص ضباطه وإعلامييه وحقوقييه المُستعارين على الشاشات، بحيث كان يتبنى رواية الدفاع عن المكونات السورية كافة ويؤكد عليها في كل مناسبة بشكل فجّ، وهو لاشك قد احتاط جيداً بنصيحة بطانته من هؤلاء المُستزلمين للتهرب من هذا التوصيف أمام الرأي العام العالمي، وهم بذلك يتحملون المسؤولية ولايمكن لهم التهرّب من المحاسبة أو الاستبعاد وفقاً لتراتبية درجات المسؤولية في العدالة الانتقالية المتوجب تطبيقها بعيد سقوط النظام الحالي في سوريا”.
ما فائدة وجود قانون يجرم من ينكر جرائم النظام على مستقبل سوريا؟
وخلال استطلاع الرأي في شوارع دمشق، سألنا بعض من التقينا بهم عن فائدة وجود هكذا قوانين في سوريا المستقبل، ويمكن إجمال ذلك بـ:
- منع الإساءات المستقبلية: إنكار الجرائم يمكن أن يُفهم على أنه تبرير لاستمرار الانتهاكات أو تمهيد لارتكابها مجدداً. تجريم الإنكار قد يحد من هذه التجاوزات ويقلل من فرص تكرارها في المستقبل.
- الحفاظ على الذاكرة التاريخية: إنكار الجرائم يمكن أن يؤدي إلى تشويه التاريخ أو تغييره، وهو ما قد يتسبب في تجاهل معاناة الضحايا ويمنع الأجيال القادمة من التعلم من تلك الأخطاء.
- حماية حقوق الضحايا: تجريم الإنكار يمكن أن يساهم في تقديم الاعتراف الرسمي بمعاناة الضحايا وتكريمهم، ويؤكد على أن حقوق الإنسان يجب أن تحظى بالاحترام الكامل.
- العدالة والمساءلة: إنكار الجرائم يعوق الجهود القانونية لتحقيق العدالة، سواء من خلال المحاكم الدولية أو في إطار إجراءات محاسبة محلية ودولية. تجريم الإنكار قد يعزز من ثقافة المساءلة.
لكن من المهم أن يكون التشريع المرتبط بتجريم الإنكار متوازناً مع حقوق حرية التعبير، مع مراعاة أن أي قانون يجب أن يضمن عدم الاستخدام التعسفي أو القمعي للحد من النقاشات القانونية والتاريخية المعقولة.
وأخيراً، ما هي أبرز الجرائم التي ارتكبها النظام بحق السوريين ولا يمكن إنكارها أو تجاهلها أو مسحها من ذاكرة الضحايا؟
بين عامي (2011 – 2024) ارتكب النظام السوري (المخلوع) بدعم من إيران وحزب الله وروسيا، الكثير من الجرائم والانتهاكات من أبرزها بحسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
1. القتل خارج نطاق القانون
وثَّقت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني على يد قوات النظام الذي يقوده بشار الأسد، بينهم 23,058 طفلاً و12,010 سيدات.
2. الإخفاء القسري
تشمل قاعدة بيانات الشَّبكة ما لا يقل عن 96,321 حالة اختفاء قسري على يد قوات النظام، بينهم 2,329 طفلاً و5,742 سيدة.
3. الوفيات بسبب التعذيب
سجلنا وفاة ما لا يقل عن 15,102 شخصاً تحت التعذيب على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 190 طفلاً و95 سيدة.
4. حصيلة استخدام أربعة أنواع من الأسلحة المدمرة
-البراميل المتفجرة
منذ تموز/يوليو 2012، ألقى طيران نظام بشار الأسد ما لا يقل عن 81,916 برميلاً متفجراً.
تسببت هذه البراميل في مقتل 11,087 مدنياً، بينهم 1,821 طفلاً و1,780 سيدة.
-الأسلحة الكيميائية
تم توثيق 217 هجوماً كيميائياً نفذه نظام بشار الأسد.
أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 1,514 شخصاً، منهم 1,413 مدنياً، بينهم 214 طفلاً و262 سيدة، إضافة إلى إصابة 11,080 شخصاً.
-الذخائر العنقودية
تم توثيق 252 هجوماً بذخائر عنقودية نفّذتها قوات نظام بشار الأسد.
أدى ذلك إلى مقتل 835 شخصاً، بينهم 337 طفلاً و191 سيدة.
-الأسلحة الحارقة
سُجّل ما لا يقل عن 51 هجوماً بأسلحة حارقة استهدفت مناطق مدنيَّة منذ آذار/مارس 2011.
5. التشريد القسري
أدت الانتهاكات الواسعة إلى نزوح نحو 6.8 مليون سوري داخلياً.
تشريد قرابة 7 ملايين لاجئ، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي