شعرة معاوية.. تفاؤل حذر يحيط بعملية الانتقال السياسي في سوريا
شاهد هذا الموضوع -شعرة معاوية.. تفاؤل حذر يحيط بعملية الانتقال السياسي في سوريا- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
بعد أن تحرر السوريون من آل الأسد وأجهزتهم القمعية المتوحشة، ما تزال نشوة الفرح تغمر قلوبهم إثر السقوط المفاجئ للنظام الذي حكمهم بالخوف والمراقبة والترويع والتعذيب الوحشي والقتل العشوائي وغيرها من الوسائل المروعة.
يعلق على ذلك بسام القوتلي رئيس حزب (أحرار) السوري، فيقول: “أصبح بوسعك اليوم أن تسير حول دمشق من دون أن تقابل نقاط تفتيش ومن دون أن تطالعك صور بشار الأسد المنتشرة في كل مكان، كما أزيلت كل تماثيله وكذلك زال الخوف من التعرض لأي مضايقة من أتباعه مع كل خطوة تخطوها”.
يعيش القوتلي صدمة العودة، فقد رجع إلى مدينته الأم خلال الأسبوع الماضي بعد أن أمضى 28 عاماً في المنفى، ويعلق على ذلك بقوله: “خفت ألا أتعرف على أي شيء، إلا أن قلب المدينة لم يتغير كثيراً”، كما أنه لم يتعرض لأي مشكلة وهو يعبر الحدود من لبنان على الرغم من أن تاريخ صلاحية جوازه السوري قد انتهت، وهذا ما دفعه للقول: “لقد اكتفوا بختم ورقة إضافية”.
مساع كبيرة لإعادة بناء سوريا
وبمجرد وصوله إلى دمشق تبين للقوتلي بأن: “الناس سمحوا لأنفسهم بأن ينعموا بشيء من التفاؤل”، بيد أن هذا التفاؤل يشوبه حذر كبير، ولهذا يقول: “هل ستظهر مشكلة أم لا؟ هل سيستعيدون الديمقراطية أم لا؟ فالناس ليسوا متيقنين تماماً، ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن الإدارة الجديدة لم تخاطبهم بعد، بل اكتفت بمخاطبة الغرب وخاصة الإعلام الغربي”.
وهذا صحيح، لأن قائد سوريا الجديد، أحمد الشرع، وهو قائد هيئة تحرير الشام التي زحفت نحو دمشق وسيطرت عليها خلال الشهر الماضي، بذل قصارى جهده لطمأنة الدول الغربية تجاه عملية الانتقال التي ستقوم على أساس المشاركة مع كل فئات المجتمع إلى جانب احترام الطوائف الدينية والأقليات العرقية في البلد، وعلى الرغم من أنه لم يحدد بعد ما الذي سيتمخض عنه هذا الانتقال، بدأ بعض الناس يتساءلون إن كان على دراية بما سيتمخض عنه الانتقال أم لا.
وثمة قلق حيال تعريف هيئة تحرير الشام لعملية المشاركة والتي قد لا تحمل الدلالة نفسها التي تعنيها القوى الغربية، أو تلك التي يقصدها أغلب السوريين، وخاصة الناشطين المنادين بالديمقراطية والطبقة الوسطى في كبريات المدن السورية.
بيد أن الشرع يضغط بشكل كبير من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عقود وذلك بهدف إعادة بناء البلد الذي دمرته الحرب، وبدعم من تركيا والدول العربية والخليجية، تمكن هذا الرجل من إحراز تقدم في هذا المضمار، بما أن كل تلك الدول تحرص على إبرام عقود مع قادة سوريا الجدد من أجل إعادة إعمار سوريا.
فخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الإدارة الأميركية عن إعفاءات من العقوبات لمدة ستة أشهر وذلك بالنسبة للصفقات والمشاريع التجارية التي ستنفذ بالتعاون مع مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية، والهدف من ذلك تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية على سوريا. وبعد اجتماع رفيع المستوى عقد خلال نهاية الأسبوع الماضي في الرياض، اتفق وزراء الخارجية الأوروبيين على عقد اجتماع بنهاية هذا الشهر لمناقشة مسألة رفع العقوبات عن سوريا، بعد أن ضغطت كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا من أجل تخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا.
وفي مؤتمر صحفي، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك بأن: “ألمانيا تقترح الالتزام بنهج ذكي تجاه العقوبات، وذلك عبر تقديم الإغاثة للشعب السوري، بما أن السوريين أضحوا اليوم بحاجة للحصول على حصة سريعة عبر انتقال السلطة”.
غير أن شخصية الشرع ماتزال غامضة، على الرغم من التغيير الجذري الذي طرأ عليها والذي تسارع خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ حرص هذا الرجل على النأي بنفسه عن ماضيه الجهادي وارتباطه بتنظيم القاعدة، معتبراً ذلك مجرد طيش شباب.
ما بين الحكم الرشيد وخروقاته
من المؤكد بأن حكم الهيئة لجيب الثوار في إدلب طوال السنوات الثماني الماضية لم يكن مشدداً وقاسياً كحكم تنظيم الدولة الإسلامية أو كحكم طالبان، وذلك لأن الهيئة ركزت على طريقة الحكم وتأمين الخدمات للناس، وبحسب دراسة أجراها الباحث منقذ عثمان آغا من معهد الشرق الأوسط، فإن هيئة تحرير الشام اتبعت استراتيجية بناء الشرعية وتبنت خطاباً ثورياً وطنياً، وشاركت قادة العشائر والوجهاء في المجتمع، وتبعاً لذلك، صار بوسع بعض منظمات المجتمع المدني أن تمارس عملها، كما صارت الفتيات تتابعن دراستهن، على الرغم من بعض القيود التي فرضت عليهن.
بيد أن الهيئة لم تعترف باستقلالية الفرقاء السياسيين في إدلب، بل قمعت المعارضين، وقيدت أنشطة الصحفيين والمعارضين ووقفت في طريق عملهم، كما ضيقت الهيئة على المدنيين في حياتهم اليومية، إذ أعلنت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية في بيان لها رفعته إلى الأمم المتحدة في عام 2022 بأن: “الناس كانوا يعتقلون على خلفية تعليقهم في محادثات سرية على كلفة المعيشة أو المسائل الدينية”.
كما ورد في هذا التقرير بأن: “ما يعرف بقواعد وآداب السلوك أضرت بالنساء والفتيات بشكل خاص، لدرجة تصل إلى التمييز القائم على أساس الجنس، وذلك في مجال التمتع بالحقوق”، بما أن شرطة الأخلاق فرضت قواعد على النساء تحدد شكل لباسهن.
حرمت الهيئة المعتقلين من حقهم بتوكيل محام، وارتكبت جرائم حرب وذلك عبر: “تنفيذ عمليات إعدام من دون أن تصدر محكمة مشكلة بطريقة قانونية حكماً على هؤلاء الأشخاص الذين نفذت بحقهم عمليات الإعدام”، كما وردت تقارير مؤكدة عن اعتقالات تعسفية وحالات تعذيب وعنف، في حين سيطرت ما تعرف بلجنة غنائم الحرب على بيوت من يعارض الهيئة، وليس فقط بيوت من تشك الهيئة بأنهم دعموا الأسد وأيدوه، وورد في التقرير السابق أيضاً بأنه: “تم استهداف ممتلكات الأقليات بشكل خاص، ومن بينهم المسيحيون”.
هل لدى الهيئة خطة شاملة؟
إلا أن الخبر السار الذي انتشر الآن هو أن وزير التعليم السوري الجديد، نذير القادري، تعهد بعدم فرض أي قيود على حق الفتيات بالتعلم، إذ بعد السيطرة على حلب في أواخر شهر تشرين الثاني الماضي، سعت الهيئة جاهدة لتطمين العلويين والمسيحيين والكرد في هذه المدينة، وسمحت لدور العبادة بممارسة نشاطها ودعمت الخدمات الأساسية على جناح السرعة، كما حرصت الهيئة على حفظ الاستقرار، وتشجيع مؤسسات الدولة وموظفيها على العودة لمزاولة أعمالهم، تماماً كما تحاول أن تفعل في دمشق الآن.
ولكن، على الرغم من كل ذلك، ماتزال الأصول الجهادية للهيئة وأسلوب حكمها السابق محل قلق، بيد أن الشرع أعلن بأن إدلب لن تكون النموذج الذي ستسير على نهجه سوريا مستقبلاً، كما حدد موعداً لبداية الحوار الوطني، لكنه ذكر بأن الانتخابات لن تجرى قبل أربع سنوات، بما يتيح له الوقت الكافي لإعادة تشكيل سوريا وفقاً لقواعد إسلامية.
يخشى بعض الناس أن يكون كل ما تحرص الهيئة على تحقيقه الآن هو نشر الاستقرار، لكنها ضمنياً تعمل على ترسيخ سيطرتها على الحكم مع ضمان حل بقية الفصائل المسلحة الأخرى ونزع سلاحها، وهذا ما دفع القوتلي إلى القول: “إنهم يسمحون لمنظمات المجتمع المدني بأن تسجل نفسها، من دون أن يفتحوا المجال لتسجيل الأحزاب السياسية بشكل رسمي والسبب حسبما ذكروا هو أنهم سيفعلون ذلك حالما يؤسسون بعض الهياكل والمؤسسات”، غير أن هيئة تحرير الشام قد لا تكون لديها خطة شاملة، ويعلق القوتلي على ذلك بقوله: “وصلني انطباع بأنهم فوجئوا بتحرير دمشق، ولم يتوقعوا أن يتم لهم ذلك حتى بعد سنة وشهرين من الآن”.
المصدر: Politico
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي