سوريا

سوريا ومصاعب الفطام عن السلاح

شاهد هذا الموضوع -سوريا ومصاعب الفطام عن السلاح- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

خلال تحرير سوريا من نظام الأسد، وحتى بعد سقوطه، ظهرت العديد من المقاطع المصورة، لمجموعات من الميليشيات التي ترفض الرضوخ للأمر الواقع، وتهدد بأنها لن تتخلى عن سلاحها بمواجهة (المجموعات الإرهابية)، بدا مشهد هؤلاء وكأنهم يعيشون في عالم آخر، ولكن هل هم كذلك حقاً؟

إضافة لخوف أمثال هؤلاء من المحاسبة على الاقترافات والجرائم التي ارتكبوها، كان من المؤكد أن هناك دوافع أخرى تتلطى خلف المشهد، وتشي بأن عدم التسليم بنتائج المعركة المحسومة، ينطوي على مشاعر لا تتعلق بالانفصال عن الواقع فقط.

ولكن، ماذا يمكن أن يُضمر هؤلاء ليتعنتوا رافضين قبول الهزيمة؟ تفيد العديد من الدراسات أن اعتياد حمل السلاح لفترات طويلة، يتحول مع الزمن، إلى نوع من الإدمان، وأكثر من ذلك تصبح قطعة السلاح التي يحملها المقاتل امتداداً جسدياً ونفسياً له.

هل أبدو هنا أتحدث عن هؤلاء المجرمين بحيادية؟ نعم، إلى حدٍّ ما، فأنا أتحدث عن المقاتلين، أما المرتكبين فلهم المحاكم مستقبلاً، والأمر لا يعني هؤلاء فقط، فتلك الخصيصة ليست مرتبطة بموقفهم الأخلاقي والسلوكي، ولا بانحيازهم السياسي، بل بالبنية النفسية التي تطغى على أي مقاتل أدمنَ، أراد أو لم يرِد، حمل السلاح..

لم يكن غريباً خلال سنوات حرب الأسد على السوريين، أن نجد معظم هؤلاء، ينامون وسلاحهم قريبٌ وفي متناول اليد، حتى لو لم يكن هناك خطر داهم، مردُّ ذلك الإحساس الملازم بأن السلاح بات جزءاً أصيلاً من شخص المقاتل.

هل أبدو هنا أتحدث عن هؤلاء المجرمين بحيادية؟ نعم، إلى حدٍّ ما، فأنا أتحدث عن المقاتلين، أما المرتكبين فلهم المحاكم مستقبلاً، والأمر لا يعني هؤلاء فقط، فتلك الخصيصة ليست مرتبطة بموقفهم الأخلاقي والسلوكي، ولا بانحيازهم السياسي، بل بالبنية النفسية التي تطغى على أي مقاتل أدمنَ، أراد أو لم يرِد، حمل السلاح، وهذا موضوعياً، لا ينطبق فقط على ميليشيات الأسد، وإنما على مقاتلي المعارضة أيضاً.

شعور المقاتل، حامل السلاح، أن سلاحه منحه سلطة وقوة تميّزه عن الآخرين، لسنوات طويلة، لا يختلف عن الإدمان أو أقلّه الاعتياد، ومسألة الفطام عن ذاك الشعور ليست بالسهولة التي يمكن تخيلها، فلا يكفي أن نطلب من ذاك المقاتل، تسليم سلاحه والعودة إلى البيت، فينتهي الأمر بسلام.

للأسف، كل التجارب العالمية تفيد بأن هؤلاء، بخبرتهم القتالية، مؤهلون وجاهزون للانخراط في عوالم الجريمة المنظمة وشبكات التهريب، حين تنعدم البرامج لإعادة إدماجهم في المجتمعات المدنية.

خلال العملية السياسية الجارية حالياً، بما فيها الحوارات بين وزارة الدفاع المُحدَثة، مع الفصائل المعارضة الأخرى، نلاحظ أن هناك بعض الاستعصاءات، ومرد ذلك ليس فقط بحث تلك الفصائل وقادتها عن دورٍ أكبر في الدولة الناشئة، وإنما أيضاً عن مقابلٍ مجزٍ للتخلي عن اعتياد هؤلاء، كقادة ومقاتلين، على نوع من الاستقلالية التي مكنتهم من حيازة القوة والسيطرة، وفي حالات ليست بالقليلة، المال الوفير.

تشير تجارب الدول الخارجة من صراعات مزمنة، أن كثيراً من الفصائل المتحالفة في سياقات الصراع، قد تتحول لجهات متصارعة بعد تحقيق الهدف الأول الذي تحالفت لأجله.

ونلاحظ اليوم في تلك الاستعصاءات، أن أسهلها إدماج فصائل شمال غربي سوريا، فهي تتبع الإرادة التركية بدرجات متفاوتة، وسوف تصل إلى حل مع الإدارة الجديدة بدفعٍ تركي، لكن يبقى الاستعصاء الأهم هو في شمال شرقي سوريا، وجنوباً في محافظتي درعا والسويداء، ومعالجة الأمر هنا يحتاج إلى كثير من الصبر والحنكة والعمل السياسي، كي لا تدخل البلد في دوامات عنف جديدة.

لدى الأمم المتحدة برامج جاهزة لحفظ السلام بعد حالات الصراع الداخلية، ولديها خبرات هائلة، حازتها من خلال عديد التجارب، خصوصاً في أفريقيا، يمكن للسوريين طلب المساعدة وحتى التمويل من الأمم المتحدة، لإنجاز وتخطّي مرحلة الصراع نحو الاستقرار.

مع ذلك ومع وجود مثل تلك المساعدة، يمكن أن يعارض المقاتلون السابقون عمليات نزع السلاح وإعادة الإدماج لأسباب نفسية، باعتبار تلك المصطلحات (نزع السلاح، التسريح، الإدماج) تحيل إلى فكرة الهزيمة، بل وأحياناً في كثير من التجارب الأفريقية، رفض هؤلاء حتى صفة “مقاتل سابق”، بحجة أنهم سيواصلون كفاحهم والثورة على الأقل في الساحة السياسية.

واحد من أهم الأهداف الاستراتيجية لبرامج نزع السلاح والتسريح وإعادة دمج المقاتلين، هو محاولة بناء شعور المواطنة الكاملة لدى المحاربين، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية..

عموماً، إذا لم يتم جمع السلاح بفاعلية، وعلى نحو شمولي وكامل في وقت مناسب، فإنه قد ينتج عن ذلك حالة أكبر من التنافس على امتلاك الأسلحة المختلفة بين المتحاربين السابقين، ومن ثم يزداد الطلب على الأسلحة في السوق الموازية، فينعكس ذلك في زيادة استخدام الأسلحة الصغيرة، وارتفاع معدلات الجريمة، وتلك واحدة من الآثار الجانبية التي تحدث بعد أي صراع مسلح، إذ تزداد معدلات العنف، مما يطيل مرحلة عدم الاستقرار.

واحد من أهم الأهداف الاستراتيجية لبرامج نزع السلاح والتسريح وإعادة دمج المقاتلين، هو محاولة بناء شعور المواطنة الكاملة لدى المحاربين، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، والرفع من مكانة الهوية الوطنية فوق كل الهويات الأخرى، سواء أكانت قبلية أو مناطقية أو عرقية أو أيديولوجية أو سياسية.

وأرجو ألا يفهم كلامي هذا وكأنه مكافأة للمجرمين (في حالة مقاتلي ميليشيات الأسد)، إنما هو انحياز وانتصار لسوريا القادمة، وواحد من أهم الاستثمارت بهدف استقرارها.

في الحالة السورية خلال السنوات الماضية، وعلى كلا الضفتين، تحول العديد من الأشخاص من أناس طبيعيين، وأحياناً غير مرئيين في المجتمع، إلى أناس ذوي سلطة وأحياناً شهرة، مع استطالة السلاح الذي أضاف إلى بنيتهم النفسية كثيراً، ما أكسبهم صفات جديدة.

وليس من السهولة إعادة هؤلاء إلى أشخاص عاديين، في مجتمع طبيعي ليس لسلطة السلاح فيه أي امتياز. إنه أمر يحتاج لكثير من الحذر والبرامج كما في حالة الفطام عن الرضاعة، أو الانسحاب الدوائي أو برامج معالجة حالات الإدمان، كي نصل إلى استقرار مجتمعي، هو أكثر ما نحتاجه في سوريا الجديدة.

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,سوريا ومصاعب الفطام عن السلاح, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى