سوريا

الثورة تُزيل حُكماً لكنها لا تبني دولة

شاهد هذا الموضوع -الثورة تُزيل حُكماً لكنها لا تبني دولة- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، أن “الثورة قد تُزيل نظاماً لكنها لا تبني دولة”، مشدداً على ضرورة الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية بناء الدولة لتحقيق الاستقرار.

وفي إطار رؤيته لأولويات المرحلة المقبلة، أوضح الشرع أهمية العفو الوطني كخطوة أساسية لتحقيق المصالحة المجتمعية، إلى جانب إعادة هيبة الجواز السوري كرمز للقوة الوطنية، ضمن مشروع شامل لإعادة بناء سوريا على أسس العدالة والثقة.

واستعرض الشرع، في مقابلة بثها اليوتيوبر جو حطاب، المشاعر التي صاحبت التحرير والتغيير الذي شهدته سوريا وقال: “بعد 14 سنة من المعاناة، أو حتى 21 سنة على المستوى الشخصي. أعظم شيء يمكن أن تشهده في حياتك هو أن ترى التعب الطويل الذي مررت به يذهب في لحظة، عندما ترى إنسانا لم يرَ أمه منذ 14 سنة، أو أخا لم يلتقِ بأخيه منذ 10 سنوات، أو حتى 8 سنوات. هذه اللحظات الإنسانية تظهر في فيديوهات الناس التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي؛ أناس تبكي، وأسر مشتتة شملها”.

وأشار الشرع إلى أن “المعركة لم تكن فقط تحرير الأرض، بل كانت معركة استعادة الروح وجمع الناس معا. لقد عاشت سوريا تجربة صعبة؛ كان الشعب في حالة سجن جماعي، حيث لم يكن هناك زيارات ولا احتفالات. اليوم، ترى السوريين في الشوارع يحتفلون”.

وأضاف: “لكن الألم كان عظيما. تصور أن يتم إخراج أحدهم من بيته بالقوة، مجردًا من كل شيء، ثم يُرسل إلى لبنان في المخيمات، أو الأردن في ظروف قاسية، أو حتى إلى تركيا التي استقبلت 3.5 مليون لاجئ. كثيرون خاطروا بحياتهم في البحر، وغرق أطفال ونساء في محاولة للهروب”.

وأكد الشرع أن هذه المعاناة تركت أثارًا عميقة في النفوس، مضيفًا: “التهجير القسري هو عقوبة لا يتحملها الإنسان، لأن ثقافة التملك جزء من الطبيعة البشرية. أن يعود السوري إلى أرضه، حتى لو كانت مدمرَة، وأن يقيم خيمة على أرضه، يمنحه شعورًا بالملكية وكأنه ملك الدنيا. وهذا ما يعيد الأمل للشعب”.

تحديات المرحلة المقبلة في سوريا

أحمد الشرع تحدث في المقابلة عن التحديات والمشاعر المصاحبة للمرحلة الجديدة التي تعيشها سوريا، مشيرًا إلى القيم الأخلاقية والمعاناة الطويلة التي مر بها الشعب السوري. وقال:

“نحن دخلنا مناطق، والناس لم تُجبر على النزوح منها، بل نزحوا إليها. في هذه المعركة كان هناك عنوان واضح للرحمة، والناس اجتمعت مع بعضها البعض بشكل يُظهر عمق الإنسانية.. كيف لا تفرح عندما ترى الناس تعود إلى حياتها الطبيعية؟”

وأضاف: “في إدلب، مثلًا، قسم كبير من السكان يعيشون في المخيمات، وقسم آخر يستأجر المنازل، بينما القسم الثالث هم السكان الأصليون. كنت أقول دائما إن سوريا بُنيت على مدار 7000 سنة من التاريخ التراكمي، ولكن عندما تُهجر إنسانًا، فإنك تصفر عداد حياته وتجعله يبدأ من الصفر. وهذا إذا استطاع أن يجد قوة معنوية للبناء من جديد”.

وأشار الشرع إلى تأثير النظام السابق على المجتمع السوري، موضحا: “النظام حوّل الشعب إلى عدو له، وكان دائما يعيش في خوف منه. كان يتحكم بمفاصل حياة الناس من خلال الابتزاز، ويستخدم أدوات مثل الأجهزة الأمنية والتعذيب والقتل لترهيب الشعب، بدلًا من محاولة إقناعهم أو بناء قناعات إيجابية.”

وأكد الشرع أن الدعاية التي استثمر فيها النظام ضد الثورة انهارت في فترة قصيرة، مضيفًا: “على مدار 35 عامًا، تم تثقيف الناس ضد فئات معينة، والترويج بأن هذه الفئات إذا حكمت ستجلب الكوارث. لكن خلال 11 يومًا فقط، انهارت هذه الدعاية، لأن الوقائع والحقائق أبلغ من أي كلام. الأخلاق العملية أثبتت تأثيرها الكبير، حيث أن الأفعال تؤثر في النفوس أكثر بكثير من الأقوال”.

وأضاف: “للحفاظ على النجاح يجب أن يكون هناك دائمًا جانب من القلق والحذر. هذا الحذر لا يعني الشك المفرط، بل هو القلق الذي يدفعك لتقديم المزيد والعمل بجدية أكبر. النجاح في القيادة والعمل العام يتطلب أن تكون دائمًا على استعداد للتحسين والتطوير”.

واختتم قائلاً: “الناس تحتاج إلى أفعال ملموسة تعيد لها الثقة والأمل، فالإحسان الحقيقي هو ما يؤثر ويترك أثرا دائمًا في النفوس، وليس مجرد كلام جميل”.

أهمية رأس المال البشري في الداخل

الشرع، تحدث عن التحديات الحالية التي تواجه سوريا بعد التحرير، مشددًا على أهمية تحقيق استقرار سياسي داخلي وتعزيز الثقة بين أبناء الوطن. 

وقال: “أمامنا تحديات كبيرة اليوم. نحن بحاجة إلى بناء علاقات سياسية مستقرة، ولكن الأهم أن نركز على رأس المال البشري في الداخل. الناس يجب أن يتعلموا كيف يعيشون مع بعضهم البعض، يحبون بعضهم، ويثقون في بعضهم. هذه الثقة هي الأساس لنهضة أي مجتمع، والحمد لله طبيعة أهل الشام لا تميل إلى لغة الثأر.”

وأضاف: “كل ما قمنا به خلال هذه المعركة الكبرى كان تحت شعار: اللهم نصر لا ثأر فيه. العقليات الثأرية لا تبني الأوطان. في هذه اللحظة، لا يمكننا أن نبحث عن كل مظلمة فردية لاسترجاع الحقوق، ولكن يجب أن نركز على القضايا الواضحة والفجّة. الدماء التي أُريقت خلال المعارك الكبرى تُهدر أحيانًا بشكل عام، إلا في الحالات الخاصة التي تتطلب تدخل القضاء والقانون”.

القانون هو الضامن

وأكد الشرع أهمية الاحتكام إلى القانون في تحقيق العدالة، قائلاً: “القانون هو الضامن لحق الجميع، سواء الضحية أو الجاني. حتى الجاني له حقوق عندما يدخل السجن، لأنه إذا تُرك الأمر للانتقام الفردي، فسنتحول إلى شريعة غاب. نحن بحاجة إلى القضاء العادل لضمان حقوق الجميع وتحقيق الاستقرار.”

وأشار إلى التغيير الثقافي والاجتماعي الذي تعيشه سوريا قائلاً: “سوريا تعيش اليوم مرحلة جديدة من الثقة الاجتماعية. كانت حياة الناس في السابق مليئة بالخوف والشك، حيث يخاف الشخص من أن يُكتب فيه تقرير أو أن يُتهم بشيء دون وجه حق. أما الآن، فهناك توافق مجتمعي كبير وقابلية لصناعة حياة جديدة لم يعشها السوريون منذ 50 عامًا.”

وعن سياسة العفو، أوضح الشرع قائلاً: “أثناء المعركة، كنا نطرح العفو، وكان لذلك أثر كبير في تقليل الدماء ومنع تفاقم الأوضاع. لا يمكننا أن ننتصر ثم نسحب الناس من بيوتهم ونحاسبهم على ما مضى، لأن ذلك سيضر بمصداقيتنا. عندما أُعطي كلمة للناس، يجب أن ألتزم بها. العفو العام كان ضرورة لتحقيق التوازن بين الحقوق الفردية والعفو الجماعي”.

وأكد أن الأولوية الآن هي بناء الدولة الجديدة، قائلاً: “أهم شيء هو البناء، ولا أقصد فقط بناء المدن المدمرة، ولكن بناء الثقة بين الشعب والدولة. النصر الذي تحقق بأقل الكلف، بدون تدمير دمشق أو تهجير أهل حلب، هو نصر حقيقي. النظام السابق ربما أخذ الأرض، لكنه خسر الشعب. أما نحن، فقد انتصرنا بأقل الخسائر، وهذا هو الانتصار الحقيقي”.

وختم الشرع حديثه بالقول: “الله عز وجل أكرمنا بهذا النصر، وعلينا أن نحافظ على خلفيتنا الأخلاقية. إذا أعطينا الناس وعودًا، يجب أن نلتزم بها. الأولوية اليوم هي بناء دولة قوية وعادلة تستند إلى قيم الثقة والعدل والرحمة”.

العدالة والاستقرار كأساس للمستقبل

وتابع الشرع: “الأولوية الآن هي بناء مؤسسات قادرة على تحقيق مستوى جيد من العدالة بين الناس، ومنع تكرار ما حدث في الماضي. يجب أن نمنح الناس فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية، للتسامح والتكاتف في إعادة الإعمار، باستثناء أولئك الذين ارتكبوا جرائم ممنهجة، مثل المجازر في الحولة”.

وأكد الشرع أن: “هذه الفئة التي ارتكبت الجرائم الواضحة لا تُشمل بالعفو، لكن باقي الناس يجب أن يلجأوا إلى القضاء والقانون للحصول على حقوقهم، بدلًا من أخذ الحق باليد. القضاء هو الوسيلة لتحقيق العدل، ونحن ملتزمون أخلاقيًا ودينيًا بعدم تجاهل أي حق، ولكن علينا وضع أولوياتنا بما يخدم بناء الدولة والمجتمع.”

وأشار إلى أن النصر الأكبر تحقق بإعادة سوريا إلى مكانتها الحضارية والسياسية، قائلاً: “اليوم، عندما تقول دمشق، فإنك تتحدث عن ركن الحضارة وموقع استراتيجي يعود إلى واجهة العالم. إعادة هذا الاعتبار لسوريا هو أكبر حق يمكن تقديمه للشعب، لأنه يضع البلاد في مكانة محترمة مرة أخرى”.
 

تجاوز عقلية الثأر والثورة

وشدد الشرع على ضرورة تجاوز عقلية الثأر، موضحًا: “عقلية الثأر لا تبني دولة، وعقلية الثورة صالحة لإزالة نظام، لكنها لا تصلح لبناء نظام جديد. الثورة أصبحت جزءًا من تاريخنا الذي نعتز به، ولكن الآن نحن بحاجة إلى عقل الدولة. يجب أن يكون لدينا منظور استراتيجي، وخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد تشمل جميع القطاعات مثل الاقتصاد، التعليم، الصحة، والاتصالات، بهدف مواكبة العالم في غضون سنوات قليلة”.

وفيما يتعلق بالجواز السوري، قال: “سيصبح الجواز السوري ذا قيمة ومكانة على الطاولة الدولية قريبا. كانت من أكثر الأمور التي تؤلمني هي رؤية السوريين يُعاملون باستخفاف في المطارات، لأن قوة المواطن تأتي من قوة بلده”.

وأشار الشرع إلى الإنجاز التاريخي الذي تحقق، قائلاً: “ما حدث في سوريا يمثل تغييرا في التاريخ، حرب المستضعفين التي نجحت رغم العقبات. لقد أثبتنا أن الحق، عندما يُدار بحكمة، أقوى من الباطل. القوة الأخلاقية والمعنوية هي رأس مالنا الكبير، ومن واجبنا الآن البناء الصحيح والتوكل على الله لتحقيق مستقبل أفضل”.

وختم حديثه قائلاً: “القيادة هي أن تعرف متى تقدم ومتى تحجم”.

 

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,الثورة تُزيل حُكماً لكنها لا تبني دولة, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى