أخبار المحيط

ترامب وفرصة السلام في أوروبا والشرق الأوسط، والعمليةالروسية شأن سيادي

شاهد هذا الموضوع -ترامب وفرصة السلام في أوروبا والشرق الأوسط، والعمليةالروسية شأن سيادي- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

والحديث عن مآلات العملية العسكرية الروسية في أكرانيا إلى نوع من عقيدة الاندفاع والتدافع الأمريكي نحو روسيا، يغلفها محاولة أمريكية للتدخل بشأن سيادي روسي بامتياز.

” ترتيبات” ترامب المفترضة تنبأنا أيضاً باستراتيجيات تقوم على إعادة التدوير لبنية النظام الدولي القديم، في محاولة أمريكية براغماتية يائسة، أمام تبلور عالم متعدد الأقطاب، أصبح واقعاً لامفر منه،في الوقت الذي مازال فيه صناع القرار الأمريكي يجترون على مائدة النظام الدولي الجديد نظريتين أصبحتا من الماضي:

الأولى- ” نظرية الاحتواء” التي تبناها الجيوستراتيجي الأمريكي نيكولاس سبيكمان ( 1893- 1943) الذي يعتبر أحد مؤسسي المدرسة الكلاسيكية الواقعية في السياسة الأمريكية، والمختصباحتواء أوروبا الشرقية وروسيا، وهو الاحتواء ذاته الذي تحاول من خلاله القوى الضالعة في صناعة القرار الأمريكي تجاوز ازماتها بدءاً من احتواء صدمات الداخل الأمريكي، وانتهاءً باحتواء التحولات البنيوية في النظام الدولي، الذي انعكس على السياسة الخارجية الأمريكية، مادفع ترامب للتلويحباحتواء روسيا، أي إعادة تدوير الخسائر الأمريكية والاستفادة منها في التفاوض، إذ يدرك ترامب ومعه الناتو أن العملية الروسية هي قضية محسومة ومنتهية لصالح روسيا دون تدخل أي طرف، لذلك يعمل ترامب على إرسال رسائل لروسيا يؤكد فيها أحقيتها بأراضيها في إطار العملية الخاصة بأكرانيا، بينما ترى روسيا في هذه السياسية تدخلاً بشأن داخلي يتعلق بأمنها القومي.

 

الثانية- ” نظرية الأطراف، أو أثر البحار في التاريخ” التي نظّر لها عالم الجيوبوليتك الأمريكي ألفرد ماهان ( 1840- 1914) منذ بداية القرن العشرين، والتي ترى بأن عظمة الأمم في أنهارها وبحارها، لذلك انشغلت الاستراتيجية الأمريكية تاريخياً بالتركيز على قوة روسيا التي تمتلك اثنتا عشر بحراً تتصل بثلاثة محيطات، عدا البحار الداخلية كبحر قزوين، و ثلاثة بحار على المحيطالأطلسي، وستة بحار على المحيط المتجمد الشمالي، وثلاثة بحار على المحيط الهادي، وهو ماجعلعلماء الجيوبوليتك الأمريكيين يتفقون على فكرة مفادها أن روسيا ” قلعة يصعب اقتحامها”، بسبب تموضعها في قلب الأرض الأوراسي وتمددها على بحاره.

 

لايختلف إثنان باضطلاع روسيا، بمهام التحولات الطارئة اليوم على النظام الدولي من خلالمساهمتها في تأسيس العديد المنظمات الاقتصادية، والتكتلات السياسية التي أسست – دون أدنىشك- لتبلور عالم متعدد الاقطاب؛ في استنساخ واضح لتاريخ الإرادة الروسية، التي اضطلعت بالتحولات الجذرية للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، التي كان مدماكها الهزيمة المدوية للنازيةعام 1943 في معركة ستالينجراد، ومعركة كورسك، التي قلبت موازين القوى الدولية، وغيرت خارطةالقوى في النظام الدولي، قبل أن تدخل الولايات المتحدة حرباً كانت محسومة بدءاً من الأراضي الروسية.

لقد شكل حق الترسيخ التاريخي كرابط روحي للأمة الروسية، ثقافة جمعية شكلت عقلية الشعبالروسي وقيادته، التي ظلت متيقظة لأبعاد الاستثمار الأمريكي في التحولات الجديدة للنظام الدولي، بدءاً من محاولات الاستثمار السياسي البراغماتي في إطار العملية العسكرية الروسية الخاصة في أكرانيا؛ وذلك للإيحاء بدور أمريكي في إنهاء هذه العملية، التي تعتبر قضية محسومة في ضمير كل روسي، وبشروط لاتفاوض فيها أو ” ترتيببات” مع أحد.

 

لقد أظهرت تصريحات ترامب ومستشاريه المتتالية حول العملية العسكرية الروسية في أكرانيا نوعاً منالإيحاء برغبة ودور أمريكي في إنهاء هذه العملية، وكأنها أحد بؤر الصراع في بقعة نائية من العالم،وبالتالي تسويتها بين قوتين عظميين على طريقة مناطق النفوذ إبان الحرب الباردة، في تجاهل واضح لعقيدة روسية راسخة، لايمكن أن ترى في هذه العملية، سوى أنها شأناً داخلياً متعلقاً بسيادة روسيا، وأمنها القومي الذي لايقبل ” ترتيبات” يجري الاتفاق عليها مع أي طرف كان، وبالتالي عدم إدراجها في أية عملية تفاوضية.

لقد كانت روسيا واضحة منذ البداية في تسمية مهمتها بـ ” العملية العسكرية الخاصة في أكرانيا”، وبالتالي فهي ليست حرباً على أكرانيا، لأن أكرانيا هي الشعب الأكراني، وروسيا لا يمكن أن تشنحرباً على دولة شقيقة، فالروس والأكران عبر التاريخ هم شعب واحد، أما العملية فهي بالأساس ضدمخططات الناتو ومحاولاته التوسعية في المجال الحيوي للسيادة الروسية وبالقرب من روسيا، وموسكو خاصة.

وعليه؛ إذا أراد ترامب أن يبدي حسن نية وصدق، فعليه أن يساهم بانقاذ دول الناتو في أوروبا، ويبادر بإلغاء كل خطط الناتو التي يقودها مالكي المجمع الصناعي العسكري، الذي يتحكم بقراراتالبنتاغون الأمريكي ضد روسيا. أما عن الوضع الحالي في أوكرانيا فهو أمرٌ محسوم، ولا يمكن أنيكون أي دور لا لترامب، ولا لأي طرف آخر غير الشعب الروسي و الأكراني. 

على المقلب الآخر؛ أمام ترامب فرصة تاريخية أيضاً للخروج من أوهام الهيمنة التي جرت ردات فعل عنيفة داخل الولايات المتحدة، وقد شاهد بأم عينية تداعيات سياسات أسلافه في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطنية، التي هزت الرأي العام العالمي، كما الرأي العامالأمريكي، إذ أظهرت المظاهرات التي غصت بها شوارع الولايات المتحدة وطلاب الجامعات الكبرى، التي انتفضت لتنتصر لحق الشعب الفلسطيني. وعلى ترامب أن يدرك أن هؤلاء الطلاب هم النخبالأمريكية مستقبلاً، وصانعي القرار الأمريكي، الذين ستظل مجازر الاحتلال الإسرائيلي عالقة في ذاكرتهم، كوصمة عار على جبين الإنسانية.

يدرك ترامب، أنّ لقد أولى إرهات قوننة حق تقرير المصير كمبدأ، كانت على يد الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون( 1856- 1924) حيث قضى المبدأ إعطاء أي شعب أو سكان ينتمون لأرض ما، وبثقافة ما، أن يقرروا سيادتهم على أرضهم التي عاشوا ويعيشون عليها، واختيار السلطة التي تمثلهم فيها. وبالتالي على أن يأخذ بعين الاعتبار أنّ القضية الفلسطينية، و قبل أن تكون قضية لكل أحرار العالم، هي قضية إسلامية مقدسة لدى خُمس سكان العالم من العرب، أو ما يزيد عن أربعمائة مليون عربي تجمعهم مشتركات الثقافة، والتاريخ، والدين، واللغة، والجغرافيا، وهي في الوقت ذاته – أي القضية الفلسطينية- إحدى مقدسات الدين الإسلامي والمسلمين الذين يشكلون أكثر من ربع سكان الكرة الأرضية، وبتعداد يزيد عن اثنين مليار شخص حول العالم.

لقد تجاوز ترامب هذه الحقيقة بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، بالرغم من إدراكه بإنها العاصمة التاريخية والروحية في ضمير كل عربي ومسلم حول العالم،  يساندهم في ذلك القانون الدولي والأمم المتحدة التي مازالت تعترف بهذه الحقيقة.

 

حقائق على ترامب أن يضعها نصب عينيه قبل وصوله سدة الرئاسة في الولايات المتحدة يعد أيام، وذلك بالتراجع عن تعديه على العالم الإسلامي بأجمعه و قرارات الأمم المتحدة، وإلا فإنه مسؤول ومشارك بشكل مباشر بقتل عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني؛ فنتنياهو ماكان له أن يتجرأ علىالإبادة الجماعية بحق فلسطين، و لبنان، وسورية أيضاً، لولا الدعم الأمريكي لها بلا حدود، ولولا الاستراتيجية الأمريكية التي مازالت ترى في إسرائيل مخفراً أمامياً لها في المنطقة العربية.

على هذا الأساس؛ تتوسع فرضية الأزمة/ الفرصة لترامب كرئيس تاريخي، وذلك في إعطاء مساحة لحق تقرير المصير للفلسطينين بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، إما عن “ترتيباته” بشأن أكرانيا فما عليه إلا إعادة وجه أمريكا التاريخي الذي روّج له المؤسسين الأوائل، وذلك باتباع سياسةعدم التدخل التي تبناها الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن، وسار عليها من بعده من المؤسسين الأوائل الذين دعموا مبدأ عدم التدخل في الحروب الأوروبية امتثالاً للدستور الأمريكي.

الفرص ذاتها أمام ترامب ليكون الرئيس التاريخي في مواجهة التحديات الاقتصادية أيضاً التي تعصف بالداخل الأمريكي، والتي سببها التمويلات المالية والعسكرية الضخمة للحروب الخارجية التي لاقبل للشعب الأمريكي في تحملها. وما على ترامب إلا أن يستفيد من أسباب فوزه الكاسح في الانتخابات أمام الديمقراطيين، الذين وضعوا أوقعوا البلاد في حالة من التضخم الذي لم يعهده تاريخ الولايات المتحدة.

استحقاقات أخرى تواجه ترامب نحو فهم طبيعة النظام الدولي الجديد متعدد الأقطاب، بأبعاده المتمثلة بالتكتلات والتجمعات الاقتصادية الكبرى، التي أصبحت موجهاً للسياسات الدولية، وقراءة الدور الروسي في هذا المجال، ما يمهد لترامب الخروج من عقيدة سلفه بايدن، الذي ما انفك ينام في معطف كيسنجر الإيديولوجي، وذلك بالتركيز على أوروبا كشريك جيوستراتيجي مفترض، كفرضية عفى عليها الزمن، كما رؤيته – أي كيسنجر- في اختصار الشرق الأوسط بالمنطقة العربية، التي مازال يراها ترامب مجرد رمال وصحراء يتوعدها بالجحيم، متناسياً في الوقت ذاته تاريخها في بناء الحضارة الإنسانية، وكمهد للديانات السماوية التي صدرت التسامح والأخاء والعلوم إلى بقاع العالم أجمع.

 

إذاً؛ يقف ترامب اليوم أمام فرصة صياغة سلام مستدام لأوروبا والشرق الأوسط، وذلك بكبح جماح الناتو في محاولاته اليائسة بتهديد الأمن القومي الروسي، كما حتمية اعترافه بحق تقرير المصيرللشعب الفلسطيني كأبسط مبادئ القانون الدولي، بالإضافة إلى تراجعه عن الاعتراف بالسيادةالإسرائيلية على مرتفعات الجولان السوري المحتل.

المحلل السياسي والكاتب رامي الشاعر

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,ترامب وفرصة السلام في أوروبا والشرق الأوسط، والعمليةالروسية شأن سيادي, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع روسيا اليوم وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى