سوريا

أخيراً.. بكينا من الفرح

شاهد هذا الموضوع -أخيراً.. بكينا من الفرح- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

أخيراً زغردت ابنتي، فرحاً بالخلاص من سوريا الأسد، كانت قبل يوم واحد من تاريخ الثامن من كانون الأول، تسألني إن كان بالإمكان فعلاً لإدارة العمليات العسكرية الانتصار على نظام الأسد؟ قلت لها: ربما خلال عشرة أيام سينتهي الأسد.

نمنا تلك الليلة بشكل طبيعي، بعد شعوري بالإرهاق من متابعة أخبار المعارك الحربية، استيقظت يوم الثامن من كانون الأول، لأقرأ عدة رسائل تهنئة وصلتني على الواتساب.

فتحت مباشرة على وسائل الإعلام لأقرأ الخبر وأتأكد منه، وأنا في منتهى الفرح: سقط نظام الأسد.

عاش أبي فلاحاً وعندما جفّت المياه في آبار سلمية تحول إلى العمل المأجور، وكان مثل كثيرين من فقراء سلمية يريد سلته وأسرته أن تنجو وتعيش بسلام، كان يعمل ليطعمنا، وكان بسليقته النقية يدرك من أين يأتي الخطر.

كان أخواي، سميح وفيصل، معتقلين في سجون الأسد بسبب انتمائهما إلى حزبين يساريين معارضين، وكان أبي يعمل في مشروع المساكن الغربية في سلمية، في تلك الأيام، وذلك في ثمانينيات القرن الماضي، كان مراقب العمل مخبراً رخيصاً، يريد القضاء على فرصة عمل أبي، والسبب هو أن أخويّ في السجن.

وصلت تلك التقارير لمجلس إدارة الجمعية، كان مديرها أيضاً يعمل بالأمن، لكنه شخص محترم ويعرف قيمة عامل يشتغل ليعيل أسرته، ومع أبو الجود كان هناك محترمون كثر دافعوا عن أبي وعنيّ وكنت يومها أعمل مع أبي وأتابع دراستي الجامعية. خسر المخبر يومها وربحنا نحن.

المخبرون هم أسوأ شريحة اجتماعية خدمت الطاغية والطغيان، هم بشر بيننا، لكن تمّ اغتيال كراماتهم من خلال الخوف والتخويف الذي مورس على البشر فتحولوا إلى عبيد، عملاء للأجهزة الأمنية عن قناعة كاملة.

في حيّنا الغربي في سلمية، حيث ولدنا وعشنا كان هناك عشرات المخبرين يعملون مع أجهزة الأمن، وفي إحدى المرات وصل تقرير للأمن العسكري فحواه أنّ أبي يتلقى مساعدات مالية من جهات معينة وذلك أيضاً خلال فترة اعتقال أخويّ اللذين أمضيا 15 عاماً في السجون.

نريد سوريا من دون مخبرين، وأن تكون كرامة الإنسان هي الأولى، في الحياة وفي الدستور القادم، نريدها من دون كتّاب تقارير

وقف أبي أمام رئيس المفرزة في مدينة سلمية ليسأله: خير إن شاء الله ولماذا أنا هنا؟، كانت خريطة التعب المنقوشة على يديه، تدل على شرفه وتعبه ومدى إخلاصه في العمل ليعيل أسرته وليموّل زيارات أخويّ في المعتقلات. قالوا له: أنت تتلقى مساعدات من جهات أجنبية.

فضحك ساخراً وأثبت لهما بالدليل القاطع أنه لايقبل مساعدة من أحد. لأن عقله وأخلاقه أخلاق فلاح. ووصل به إلى درجة الغضب والصراخ في وجه رئيس المفرزة وذلك بسبب القهر الذي شعر به.

يومها اقتنع المحقق بأقوال أبي ومزّق التقرير.

مخبر آخر كتب بي تقريراً وذلك حين سمعني أسخر من بشار وأصفه “بالبشورة”. كان يعمل محامياً، وكنت يومها أجلس في محل أبو عبدو زريق صديق العمر. والزمن كان غداة اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان. وكانت كل المؤشرات الخاصة بالمتهمين بالاغتيال تشير لبشار الأسد وحليفه حزب الله.

بعد أيام سيرسل لي الأمن العسكري تهديداً عن طريق أحد أقاربي، وبالحرف قالوا لي: ضبّ لسانك أحسن لك. كنت يومها أغطي بتكليف من الصحيفة، احتفالات حلب كعاصمة للثقافة الإسلامية.

نريد سوريا من دون مخبرين، وأن تكون كرامة الإنسان هي الأولى، في الحياة وفي الدستور القادم، نريدها من دون كتّاب تقارير.. نريدها بجهاز أمني واحد ومهمته الحقيقة مثل بقية دول العالم الحفاظ على البلد وحمايته.

تحتاج سوريا إلى السلام مع كل دول الجوار وخاصة مع إسرائيل. نريد أن تتربى الناس على الفهم والعلم والاحترام لميثاق حقوق الإنسان.

نريدها نظيفة، تشبه بكاءنا عليها كلما كان اسمها يُذكر. نريد للحقوقي أن يكون في مكانه الصحيح، وللشرطي أن يتعلم قبل كل شيء ماهي ثقافة حقوق الإنسان. نريد أن تكون السجون لإعادة تأهيل المجرمين، لامكاناً لإنتاج مجرمين جدد.

لانريد رشوة أو فساداً، وأن يكون كل شيء معلناً وشفافاً مثل شمسنا، وأن يتمّ تعميم ثقافة الشكر والاحترام بيننا كسوريين أولاً، ثم مع كل البشر.

وقبل كل شيء يجب أن تتم محاسبة كبار المرتكبين للجرائم وأولهم بشار الأسد. نريد العدالة لا الانتقام، ويجب أن نصنع أرشيفاً وطنياً مرفقاً بكل الوثائق لكل المفقودين الذين ماتوا تحت التعذيب. أرشيفاً وطنياً يكون بمنزلة ذاكرة وطنية لكل السوريين.

يجب أن تكون سوريا لنا ولكل إنسان يرغب بالعيش فيها، فهذا العالم الذي فتح لنا حدوده واستقبلنا كلاجئين استناداً لمواثيق حقوق الإنسان يجب أن نكون نحن أيضاً جزءاً منه.

وأقترح أن يتمّ تكريم السيد “رغيد الططري” عميد المعتقلين والذي تمّ تحريره من قبل إدارة العمليات العسكرية يوم 8 كانون الأول بعد أن أمضى 43 عاماً في سجون الأسد، وذنبه أنه رفض قصف مدينة حماة في ثمانينيات القرن الماضي.

سقط نظام الأسد، نعم هذه حقيقة، لكننا لم ننتصر تماماً بعد، وأرى أنّ انتصارنا يبدأ عندما نبدأ بالسير على الطريق الصحيح ومظلتنا هي القرار الأممي، 2254.

هل أنا متفائل؟ نعم، لأن إرادة السوريين الإيجابية مجتمعة تعادل قوة هائلة، إنها قوة السلام لبناء سوريا الجديدة.

هل سأعود إلى هناك؟ نعم وسأغني لها حين أصل: سلام لسوريا، سلام من قلبي سلام، سلام للناس أجمعين.

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,أخيراً.. بكينا من الفرح, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى