ارتباك المواقع في الصورة التاريخية
شاهد هذا الموضوع -ارتباك المواقع في الصورة التاريخية- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع
في الصور الملتقطة للمشاهير، ضمن الفعاليات الجماهيرية، يمكن أن نلمح دائماً أشخاصاً عابرين، استحوذت العدسة على وجوههم، دون أن يكونوا معنيين بها، أو مهتمين بالشخصيات التي تتصدرها.
وفي أمكنة أخرى، عندما يزور أحد ما مكان عمل، ويقرر أن يوثق زيارته، يطلب من المشتغلين فيه أن يتابعوا عملهم، فهم سيظهرون في المشهد، لكن المُشاهد سيصب اهتمامه على شخصية الزائر، أي أنهم ومن خلال هذا التكنيك سيصبحون هامشيين، يتوزعون حول صاحب اللقطة التذكارية.
لا يمكن أن نحمّل شيئاً عادياً كهذا أحمالاً ثقيلة، كأفكارنا عن المهمشين في المجتمعات، إذ سيبدو الأمر قسرياً، يخالف المنطق الطبيعي للأشياء، لكن حين تصبح ممارساتنا السياسية قائمة على إهمال الهامشيين، وعدم النظر إلى أحوالهم، ورغباتهم، وآمالهم، بعد سنوات طويلة من الشقاء، واعتبار أفكارنا عن الحلول للأوضاع الكارثية التي يعيشونها صحيحة، ترقى إلى مصاف اليقين، فإن ما تلتقطه كاميرا التأريخ اليومي، يصبح وثيقة، تحكي عن أن ثمة شريحة من المشتغلين في أمور السوريين، لا يعطون أوضاع الضحايا أهمية تُذكر، إلا بوصفهم هامشيي المَشاهد، التي يقفون في وسطها.
سوريو المخيمات، النازحون والمهجرون قسراً، صمتوا طويلاً حيال أولئك الذين كانوا يأتون إليهم، ليلتقطوا الصور، ولأنهم لم يعتبروا أن حيواتهم الراهنة، وبكل ما تحتويه من بؤس، مهرجاناً أو احتفالاً، تفاعلوا بإيجابية مع كل الزائرين، لا بل إنهم كانوا يتطوعون لشرح مفردات بؤسهم، وكأنها مصير متوقع.
هؤلاء هم مادةُ، وهم جمهورُ، ما نكتبه من مقالات، وما نرسمه من لوحات، وما نسطره من قصائد وقصص وروايات، وهم حيثيات الألم السوري..
لكن الأحوال كانت تنتهي دائماً، طيلة سنوات النزوح والتهجير، إلى إهمال مستدام، وكأن الطابعات تعمل، على تكرار صور تهميشهم، إلى ما لا نهاية.
هؤلاء هم مادةُ، وهم جمهورُ، ما نكتبه من مقالات، وما نرسمه من لوحات، وما نسطره من قصائد وقصص وروايات، وهم حيثيات الألم السوري، الذي نحكي عنه في الأفلام، التي ننشرها على يوتيوب، وهم من يقف وراء جدار الاستوديو في البرنامج التلفزيوني، وهم أصحاب الهمهمات والخطوات، في خلفية صوت اللقاء الإذاعي، وهم أساس شخصيات الدراما والأفلام والمسرحيات.
كل شيء يؤدي، إلى تصدرنا في وسط الصورة، هم صلصاله، وألوانه، وأشجاره وجباله، وزهوره بيناعتها وذبولها، وخضرة أعشابه وصفرتها ويباسها.
هذه المقدمة، وعلى كثرة سطورها وكلماتها، هي جوهر المقالة، حين يقرر صاحب هذه السطور، كتابة شيء عما جرى ويجري، منذ أن انطلقت عملية ردع العدوان.
التفاصيل التي يمكن إيرادها -ودائماً هناك تفاصيل يمكن جمعها للحديث عنها في المقالة- من تقدم فصائل إدارة العمليات العسكرية، وسيطرتهم على محافظتي حلب وإدلب، بما تحتويانه من عشرات المدن والنواحي والقرى، وحدوث ما يشبه زلزالا ميدانيا وسياسيا، من جراء المبادرة إلى اغتنام فرصة إقليمية، لا تتاح دائماً، للمضي في خيار، ثبت أنه أفضل الممكن، للتعامل مع نظام مراوغ، بمواصفات غير مسبوقة، لجهة بنيته الإجرامية، وفعاليته التدميرية.
كل هذه التفاصيل، يمكن شرحها، كما يجوز رصد أن التصورات الأولى عن العملية، التي جرى الحديث عنها منذ شهرين، كانت تعني حكماً، أن ثمة ضحايا من المدنيين سيسقطون، من جراء ردود إجرامية للمتحالفين ضد السوريين الثائرين، أي الأسد وميليشيات إيران وطيران روسيا البوتينية، وأن التقييم الأولي عن العملية كاحتمال، يعني أن السوريين مقبلون على مجزرة كبرى، وأن الواجب هو رفضها، طالما أن الجهات الإقليمية والدولية، التي يمكن أن تدعمها، تبدو مشغولة عن هموم أصحاب القضية، بمشاريع بناء علاقة مع سفاح دمشق، طالما أنه مستمر في قصره، يراقب في الصباح قتلى، أطلق عليهم النار في المساء.
نستطيع أن نعيد كتابة القضية، بشكل معكوس، فنجعل المادة الرئيسة، هي الحدث العسكري، ونتائجه، وردود الأفعال حوله، وأن نختم الكلام بالإشارة، إلى عودة مئات الآلاف، إلى منازلهم كنتيجة، لكن، أليس من واجب عقولنا، أن ترغمنا على الحصافة والدقة في اختيار كلماتنا، ونحن نتحدث عن ذوات الآخرين، وهم يتألمون؟
كل شرح وقول، ظهر منذ ذلك الوقت، إلى تاريخ انطلاق العملية العسكرية، بهدف وحيد هو السيطرة من أجل إبعاد خطر القصف اليومي ضد المدنيين، قوبل بامتعاض النازحين واللاجئين المتشوقين للعودة إلى منازلهم وأراضيهم، ممن باتوا يفضلون الموت، على الحياة المغمسة بالشقاء.
نستطيع أن نعيد كتابة القضية، بشكل معكوس، فنجعل المادة الرئيسة، هي الحدث العسكري، ونتائجه، وردود الأفعال حوله، وأن نختم الكلام بالإشارة، إلى عودة مئات الآلاف، إلى منازلهم كنتيجة، لكن، أليس من واجب عقولنا، أن ترغمنا على الحصافة والدقة في اختيار كلماتنا، ونحن نتحدث عن ذوات الآخرين، وهم يتألمون؟
فإذا كان الأمر هو هذا، فإن مركزية قضية السوريين، المهملة منذ 14 سنة، تأخذ حقها من مساحات الصور كلها، وتؤدي في النهاية، إلى جعلنا نحن هامشها، بعد أن خُيّل للكثيرين منا، أننا أبطالها.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي