سوريا

متلازمة الإبريق الأحمر | قصة

شاهد هذا الموضوع -متلازمة الإبريق الأحمر | قصة- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

استدعى مديرُ مركزِ الدراساتِ المعاصرةِ المدققَ اللغويَّ في المركز كَسَّار الروَّاس إلى مكتبه، فكان بينهما الحوار التالي:

  • ما سِرُّ هَوَسِك بالفاصلة المنقوطة؟
  • ماذا تقصد؟
  • لم تترك فاصلةً أو نقطةً في بحث زميلنا صفوان إلا حوَّلتها إلى فاصلة منقوطة. هل لديك مسوغات لهذا السلوك المزاجي، ولا سيما أنك لم تُصِبْ في أي تعديلٍ أدخلتَه على البحث؟
  • في الحقيقة … في الواقع …
  • في الحقيقة ماذا؟ ألا تعلم أن صفوان من خيرةِ كُتَّابنا وهو الذي يُعطينا الدروسَ في استخدام علامات الترقيم؟
  • في الحقيقة … في الواقع …
  • في الحقيقة، حين لم تجد ما تصححه في بحث زميلنا، ساءكَ أن تعيده إلينا خاليًا من شخابيطك، فأردتَ أن تترك بصمتك – لا أريد أن أقول حافِرَك – عليه حتى ولو من دون مُسَوِّغٍ. وأنت فيما يبدو تنتشي بالشخبطة بالقلم الأحمر، لأنك تتعامل مع الزملاء الباحثين لدينا كأنهم تلاميذ لديك في مدرسة ابتدائية. هل كنت تظن أنك إذا أعدتَ إلينا بحثًا بعددٍ أقل من الشخابيط – أو بلا شخابيط – سنستغني عنك؟
  • في الحقيقة … في الواقع …
  • في الحقيقة، أنت مُصاب بمتلازمة الإبريق الأحمر.
  • متلازمة الإبريق الأحمر؟
  • نعم.
  • لم أسمع بها.
  • إليك قِصَّتَها.

كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان كان هناك مُشرِفٌ على المراحيض العمومية التابعة للبلدية اسمه جويبر. وكان جويبر هذا شديدَ الاعتزاز بلقب “مُشْرِف.” صحيحٌ أن جويبر لم يكن ينظف المراحيض بيديه – فهذه المهمة يقوم بها عاملٌ آخر – لكنه كان يتربَّع مثلَ طاووسٍ على كرسي عند المدخل كأنه شاهُ إيران، ويصُفُّ على منضدةٍ أمامه عددًا من الأباريق البلاستيكية المملوءة ماءً – وتملؤه رؤيتُها زَهْوًا. كانت الأباريق بألوان مختلفة، حمراء وخضراء وزرقاء وصفراء. لم يسمح بوجود أباريق بُنية في مملكته، لأن مَرآها، وَفقًا له، يبعث على الاكتئاب والانقباض. ومن واجبه المهني أن يحرص على راحة زبائنه، ولا سيما مَن يعانون إمساكًا مُزمنًا.

كان جويبر إذا رأى زبونًا مقبلاً نحوه، هبَّ واقفًا واختار له إبريقًا بلون معين، وناوله إياه، ورافقه أيضًا إلى مرحاضٍ بعينه – حتى لو كانت كلها غيرَ مشغولة – وأدخله إياه، وتمنى له حظًا موفقًا، ثم عاد إلى عرش الطاووس عند المدخل، وراح يسجِّل في ذاكرته صُنوف السمفونيات المِعَوية التي يعزفها زبائنُهُ – منفردين أو جماعيًا. ثم إذا خرج الزبون بعد قضاء حاجته، قال له “شُفِيتم” – وهذا الدعاء يعني بلغة البزنس: ادفع الرسمَ المفروضَ من قبل البلدية!

وفي يوم من الأيام، يا أستاذ كَسَّار الرَّوّاس، دخل زبونٌ مزنوقٌ مراحيضَ جويبر، وتناول أول إبريقٍ وجده على المنضدة، وانطلق كالسهم نحو أقرب مرحاض مفتوح، فصاح به أخونا جويبر:

  • إلى أين، يا أخ؟ مَن سمح لك أن تتناول إبريقًا أزرق وأن تختار المرحاض على هواك؟ هل تظن أنك تدخل وكالةً من غير بوَّاب؟
  • وما الفرق بين هذا الإبريق وغيره؟ وما الفرق بين هذا المرحاض والذي بجانبه؟
  • ولماذا عينتني البلديةُ مُشْرفًا إذن؟ هل تظن أنني رِجْل كرسي؟

***

خرج كَسَّار الرَّوّاس من مكتب مديرُ المركز وهو يشعر بأنه يحمل بكلتا يديه عددًا من الأباريق البُنية، وبأن المدير صبَّ على رأسه إبريقًا من الماء المُثَلَّج – إبريقًا أحمر.

 

شارك هذا المقال

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,متلازمة الإبريق الأحمر | قصة, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى