سوريا

رسالة إلى زعماء “المقاومة والممانعة”

شاهد هذا الموضوع -رسالة إلى زعماء “المقاومة والممانعة”- عبر شبكة الإعلام العربية محيط والآن الى تفاصيل الموضوع

لا يمكن لحزب الله، ولا لإيران، ولا لكل جعجعة حلف المقاومة، وكل شعارات المقاومة والصمود، أن تحقق شيئاً مما تقوله أو تدّعيه حتى إذا افترضنا حسن النوايا، فالنصر تصنعه الشعوب فقط، والطغاة الذين يتوهمون أنهم أقدر وأكبر من شعوبهم سيسقطون لا محالة، فكيف إذا كان هؤلاء الطغاة ضد شعوبهم وعبيداً لأعداء هذه الشعوب.

وأنت تتابع الهجوم “السيبراني” الأخير الذي قامت به إسرائيل على حزب الله عبر تفجيرها لآلاف أجهزة النداء “بيجر”، ستحضر فوراً إلى ذهنك مقارنة الحرب بين حزب الله وإسرائيل عام 2006، وكيف تفاعلت شعوب هذه المنطقة معها، وبين ما جرى اليوم، وكيف يتم التفاعل معها. وبهدوء وبلا مبالغات شعرية أو شعاراتية، ستجد أن هناك فرقاً كبيراً وبالغ الأهمية، فرق لا يمكن لصراخ الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” وتجهّمه ونبرة صوته المرتفعة الزاعقة وقوله بأن المقاومة هي اليوم أقوى بمئات المرات عما كانت عليه في 2006 أن يقلل من أهميته، وهو أن المقاومة اليوم أضعف كثيراً، وهشة، لا بل بالغة الهشاشة، لأن النسبة الساحقة من هذه الشعوب والتي كانت عامل القوة الأهم في تلك المعركة، أدارت ظهرها لها ولم تعد تصدق كذبة المقاومة. فقوة أي طرف ليست بعدد صواريخه، ولا بشعاراته عالية السقف، ولا بسبابة قادته التي ترتفع متوعدة، إنها ببساطة شديدة بمدى صدقه مع شعبه، ومدى إحساسهم بأنه منهم ولهم.

سأكون كما أنا، مواطناً سورياً عادياً يريد أن تتحرر فلسطين من البحر إلى النهر، ويريد أن تنتهي دولة الاحتلال الإسرائيلي.

لا يحتاج الأمر إلى عناء كبير كي نفسر لماذا أدارت شعوب هذه البلاد ظهرها لكل ما يسمى مقاومة، فما شاهدته بأم أعينها وما لمسته بأيديها لا يمكنها أن تنكره، وتتجاهله، كي تصدق كذبة متخيلة. فهل ينسى السوريون أفراد هذه “المقاومة” وهم يجتاحون بيوتهم بشعاراتهم الطائفية، وبوحشيتهم؟ وهل ينسى العراقيون كيف تنهب هذه “المقاومة” خيرات بلدهم وتبقيهم جائعين؟ وهل ينسى اللبنانيون سعار الميليشيات الطائفية التي اجتاحت تفاصيل حياتهم في بيروت ومدن أخرى في لبنان؟ وهل.. وهل؟.

كيف يريد جهابذة “المقاومة” اليوم أن يصدق الناس مقاومتهم، وهم الذين قتلوا من السوريين أضعافاً وأضعافاً مما قتلت إسرائيل، وهم الذين دمروا سوريا بأيديهم عامدين متعمدين، وعملوا كل ما بوسعهم بأوامر من وليّهم الفقيه على تقسيم السوريين إلى طوائف. وكيف يريدون من اللبنانيين أن يصدقوا أنهم يدافعون عن لبنان وعنهم وهم يشاهدون كيف أصبح أفراد هذه “المقاومة” شبيحة وعصابة ترهب كل من ينتقدهم أو يختلف معهم ومع تبعيتهم المعلنة لخارج لبنان؟ وكيف يريدون للعراقيين أو اليمنيين، أو..؟!!.

يكفيكم هزيمة، أيها “القادة العظماء” (هذا إذا افترضنا أنكم تريدون أساساً أن تنصروا هذه الشعوب)، أن تعترفوا لماذا غيّر من علّقوا صور “حسن نصر الله” على جدران بيوتهم الفقيرة المعتمة، وصلّوا من قلوبهم لكي ينصره الله، ولم يفكروا للحظة واحدة بطائفته، أو بلون عمامته، أصبحوا اليوم يرونه كما يرون “نتنياهو”، مجرد قاتل، متوحش، لا يتورع عن فعل أي جريمة إرضاءً لوليّه الفقيه حتى لو كان على أشلائهم.

محزن ما جرى اليوم في لبنان، فاجع منظر الهلع وصراخ الألم وصور الأجساد الممزقة، لكن ما هو أشد فجيعة من كل هذا هو التناقض الذي نعيشه نحن شعوب هذه المنطقة المنكوبة، بين أن نبكي على ضحايا مجزرة ارتكبها عدوٌ نعرفه جيداً وخبرنا وحشيته أجيالاً بعد أجيال، أو أن نقف على الحياد في صراع بين عدوين لنا، عدوان لا يقلان وحشية، وكلاهما أوغل في دمنا وكرامتنا وحريتنا.

اعتذروا لكل سوري هدمتم بيته، وقتلتم أطفاله، وشردتموه، اعتذروا للقصير، ولحمص، ولحلب، ولدرعا…

لن أجامل هنا، لن أختار لغة مواربة، كي أتجنب سيف وسلطة الشعارات التي تزاودون بها علينا. سأكون كما أنا، مواطناً سورياً عادياً يريد أن تتحرر فلسطين من البحر إلى النهر، ويريد أن تنتهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنه يعرف جيداً ماذا فعلتم بسوريا، وبشعبها، ويعرف جيداً أنكم ومعكم كل خطابكم الطائفي العفن، ومعكم وليّكم الفقيه، ومرتزقتكم الذين جلبتموهم من كل جهات الأرض، مدججين بعصبيتهم ووحشيتهم وحقدهم، لن تكونوا يوماً بناة أوطان، ولن تكونوا إلا أعداء لكل ما هو إنساني وجميل وكريم في هذه المنطقة، ولن تنصروا يوماً مظلوماً، أو حقاً، أو قضية عادلة.

لن أشمت بالضحايا الذين يسقطون بسببكم كل يوم في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن، فهم أهلي، وهم ضحايا جرائمكم قبل أن يكونوا ضحايا جرائم من قتلهم، ويحزنني ما يحدث لهم، لكنني سأشمت بكم وأنتم تتعرّون حتى آخر عاركم.

سأشمت بكم وأنتم تتوهمون أننا لا نزال نصدق كذبكم المتواصل علينا بأنكم حماتنا، متوقعين أن نظل كما كنا نقتل من أجلكم، أو أن نشرد بحجة شعاراتكم الكاذبة، أو أننا سنقبل أن تشوّه أجسادنا، ونفقد أعيننا أو أطرافنا، وأن نقبل أن نواصل العيش في أسوأ شروط الحياة من أجل كذبتكم.

فعلنا هذا سابقاً، وفعلنا ما هو أكثر منه، كنا على استعداد كي نهبكم كل ما نملك، حتى حياتنا، لكننا اليوم لم نعد كما كنا، لم نعد قادرين على أن نغمض أعيننا عن حقيقتكم، وعن حقيقة ما تسعون إليه، وعن حقيقة كيف تنظرون إلينا على أننا مجرد أدوات في مشروع سلطتكم وهيمنتكم.

اعتذروا لهذه الشعوب المنكوبة بكم، اعتذروا أولاً للضحايا اللبنانيين الذين فقدوا اليوم حياتهم، أو أعينهم أو أيديهم، اعتذروا لكل لبناني اعتديتم على كرامته أو طائفته، أو رأيه، اعتذروا لكل اللبنانيين عن 7 أيار العار، واعتذروا لكل سوري هدمتم بيته، وقتلتم أطفاله، وشردتموه، اعتذروا للقصير، ولحمص، ولحلب، ولدرعا، ولكل شبر من أرض سوريا، اعتذروا لأطفال مضايا الذين حاصرتموهم حتى الموت جوعاً، اعتذروا لكل عراقي نهبتم خيرات بلده طوال أكثر من عقدين، ومنعتم بلداً غنياً مثل العراق أن يمتلك الحد الأدنى من مقومات الحياة، اعتذروا لليمن، ولسكان غزة، ولكل المظلومين الذين تواطأتم عليهم وكذبتم عليهم.

 

 

شارك هذا المقال

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,رسالة إلى زعماء “المقاومة والممانعة”, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع تلفزيون سوريا وقد قام فريق التحرير في شبكة الإعلام العربية محيط بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا تتحمل الشبكية أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى