من العشر إلى العمر
حتى يستمر عطاء الخير فلا بد أن يكون أساسه في النفس ثابت ومكين كما قال المولى جل جلاله ( ومثل كلمة طيبة كشحرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) وزرع بذور الإيمان والخير في النفس تجعل المحرك للقيام بالعمل ذاتي من داخل النفس لا تزيده الأسباب الخارجية إلاقوة وعزما ومسارعة في الخير
واحد من الدروس التي يجب أن نتعلمها من عشر ذي الحجة حتى لا يذهب الخير بذهابها ولا ينقطع العطاء إذا فارقتنا
إننا نقف أمام قضية عمر وليست عشرا !!
ولو صححنا التفكير وأحسنا التدبير فقد نخرج منها بخير كثير وشرف الدنيا والآخرة
وقد ننطلق من إصلاح نفوسنا في العشر إلى صلاح العمر ! ومن الوعي أن نعرف هذا المقصد بما يشرعه الله وما يدعو إليه من الخير في مواسم الخير
وما كان من الأعمال عند التزامه والمحافظة عليه يكون سببا في إصلاح ديننا فإنه كذلك ينفع في إصلاح دنيانا
من أجل المحافظة والمداومة على الأعمال الصالحة وتثبيتها فقد رأينا أن الله يعقد صلة بين العبد والعمل الصالح قائمة على الرغبة والمحبة حتى تتعلق بها قلوب العباد ويتبعها هوى نفوسهم ” وإلى ربك فارغب ” وإن شعورنا بأن الله يحب عملا ما يجعلنا نحبه ! وقد أثنى الله تعالى على المداومين على الصلاة بقوله ( والذين هم على صلاتهم دائمون ) من أجل أن نداوم عليها ونحصل على منفعة المداومة على العمل ونحرص عليه وشدد النبي صلى الله عليه وسلم في الحرص على العمل النافع بقوله ” احرص على ما ينفعك ” وأرشدنا إلى التركيز على ما تتعلق به الأهمية الأكثر من الأعمال وترك الشواغل الجانبية والثانوية وما لا يعنينا فقال عليه الصلاة والسلام ” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ” وترك المداومة على العمل قد يؤدي إلى بطلان العمل كالشرك بالله والردة عن الإسلام وقد يؤدي في بعض الأعمال إلى حرمان الأجر ويؤدي في بعضها الآخر إلى حرمان منافع الأعمال والمصالح المترتبة عليها دينية أم دنيوية ولا تستطيع أن تتحدث عن نجاح شخص أوجماعة أو مشروع بدون مداومة واستمرار
اطلب ولا تقعد عن مطلب
فآفة الطالب أن يقعدَا
ألم تر الحبل بطول المدى
على صليب الصخر قد أثَّرَا
وما أحسن قول الحق
سبحانه ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ” دليل على النجاح الذي نحلم به إذا اجتهدنا وثابرنا وتابعنا العمل فهنا معقد الأمل في نيل التوفيق من الله
Source link