الأنظمة الكهنوتية الاستبدادية .. وسياسة الاستخفاف بالشعوب ..!!
لن نبالغ إذا قلنا بأن أكثر السلبيات والإنتكاسات التي تعرضت لها الشعوب والحضارات اليشرية طوال تاريخها الطويل ، كانت ولا تزال نتيجة إنتهاج الأنظمة الكهنوتية الاستبدادية سياسة الاستخفاف بالعقول ، والقرآن الكريم يعطينا مثالاً ونموذجاً لتلك السياسة السلبية ، فهذا فرعون ملك مصر يستخف بشعبه ، جاعلاً من نفسه الإله. والحاكم المطلق الذي يستحق العبادة والتقديس والملك ، ونتج عن سياسة الاستخفاف تلك ، أن قاد قومه نحو مسالك الويل والدمار والغرق ‘ قال تعالى (( ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خيرٌ من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين * فلولا ألقي عليه إسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين * فلما ءاسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين )) ..!!
وهذا المشهد هو مجرد نموذج ‘ يتكرر في كل زمان ومكان ، وهل الحروب والصراعات التي عانت منها البشرية طوال تاريخها الطويل إلا النتيجة الحتمية لتلك السياسة ، وتجهيل الشعوب هي أفضل وسيلة تستخدمها أنظمة الحكم الكهنوتية لتنفيذ تلك السياسة ، لذلك لن نبالغ إذا قلنا بأن عملية الإستخفاف بعقول الشعوب ، هي أكبر معضلة في تاريخ المجتمعات الإنسانية ، وهي العامل الرئيسي والأول في كل ما تعرضت له الحضارة الإنسانية من الدمار والخراب والعنف والحروب ‘ ولتدارك تلك المعضلة المستعصية في حياة البشر ‘ نجد أن الآيات القرآنية قد ركزت تركيزاً كبيراً على مخاطبة العقل ‘ واستثارة العقل ‘ ونداء العقل ‘ والإهتمام بالعقل ‘ وتمجيد وتكريم العقل ، وأوجبت على كل مسلم تفعيل عقله ‘ من خلال التفكر والتدبر والنظر والتأمل والتبصر والبحث ‘ وهي بذلك تطالبه بأن لا يسمح لأحدٍ يكون من كان ، بالاستخفاف بقدراته العقلية والذهنية والفكرية ، تحت أي مبرر أو ذريعة كانت ..!!
وكانت ولا تزال بوابة الدين هي المدخل الأفضل والطريقة المثلى للإستغفال والإستخفاف بالعقول خصوصاً في المجتمعات الجاهلة والمتخلفة ، فبإسم الدين يتم تخدير العقول والسيطرة عليها والتحكم بها ‘ وبإسم الدين تصبح الخرافات والأساطير معتقدات وشرائع ‘ وبإسم الدين يتم تقديس الحكام وتمجيدهم وتعظيمهم ، وكل ذلك رغم أن الدين يدعوا إلى تفعيل العقول ، ويرفض رفضاً قاطعاً تعطيلها والاستخفاف بها واستغفالها ، من أجل ذلك كله أصبح تحصين العقول بالوعي والثقافة والبحث والدراسة والقراءة ، أفضل وسيلة لحمايتها من إستغفال وإستخفاف الآخرين بها ، ومن أجل ذلك كله جعل الإسلام تفعيل العقل والفكر ، وطلب العلم والتعليم أول واجب ديني ، فأول آية قرآنية ، وأول أمر إلهي ، وأول واجب ديني ، نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام ، هو أمر تفعيل العقل بالعلم والتعليم والقراءة والبحث ، قال تعالى (( إقرأ بإسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم )) ..!!
Source link