اليمن

أرشيف الضياع

 

بقلم الإعلامي/علي علي صلاح

 

بداية أحب أن أنوه للقارئ الكريم بأن هذا المقال ليس من وحي الخيال حتى يدرك اهمية الموضوع جذشايصال تلك الرسالة للمعنيين حتى لاتضيع حقوق المجتمع..

في إحدى المراحل العمرية المبكرة كان كاتب هذا المقال مهتماً بقراءة قصص وروايات الأدب العالمي وغيرها من القصص الخيالية والبوليسية ومن ضمن القصص التي ظلت راسخة في الذهن مثلث برمودا او جزيرة الشيطان كما يقال عنها والتي تحكي اختفاء ما يصل إلى 50 سفينة و20 طائرة عن الأنظار_. لم يتم العثور على الحطام في معظم حالات الاختفاء تلك، إلا بعض السفن المهجورة تماماً، من دون سبب واضح. وكنت اظن انها خرافة لاصحة لها من ذلك ولكن ماحصل معي قبل يومين عند زيارتي الى احد الاماكن جعلني اؤمن ان برمودا حقيقة فلنبدأ القصة:

 

قبل ثلاثة ايام تقريبا ذهبت بصحبة قريب لي الى احدى المحاكم وكان برفقتنا المحامي الخاص بنا لمتابعة قضية الميراث والتركة وحل النزاع والخصومة بين الورثة،، فطلب منا ان نعطيه صورة من الملف ولم تكن بين أيدينا صورة كاملة له، فأخبرناه بذلك وأفادنا اننا بكل بساطة نستطيع ان نحصل على الاوراق من الأرشيف،، توجهنا مباشرة الى ذلك المكان وعند وصولنا فوجئنا بمكان خافت الاضاءة تتسرب اليه اشعة الشمس خلسة من بابه وعلى باب الباب بقايا حطام اشبه مايكون بمكتب وكرسي مهترئ يجلس عليه شخص طاعن في العمر وكأنه حبيس في ذلك المكان منذ عصور وخلفه مباشرة شخص آخر كان شابا يفتش بشرود في تلك السراديب المظلمة التي بدت لي من الوهلة الأولى ومايعتبرونها بالنسبة لهم رفوف لحفظ الملفات وبجواري مجموعة من اصحاب القضايا يتحدثون بصوت عالي الى اولئك الموظفين (شوف الملف حق ورثة فلان والاخر الملف رقم……. وآخر بصوت اكثر حدة الملف حقنا عندكم له اكثر من عام وانتم قلتم ليس عندكم والان قد ظهر).

أصابنا ذهول جراء تلك المشاهد التي رأيناها هل هذا هو الأرشيف الخاص بالمحكمة لحفظ ملفات المتقاضيين أم أنها تلك الجزيرة التي قرأت عنها_ الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود_،، تحدث قريبي بصوت مرتفع الى ذلك الطاعن في العمر _لو سمحت ياوالد شوف قضيتنا برقم كذا_ مابش عندي ملف ياالله من هانا ادوشتني.

هكذا كان رد ذلك الشيخ.

احتدم الشجار بينهما وحاولت ان اهدئ من تلك المشاحنات،، فقريبي مصاب بمرض في القلب وذلك الكهل ميت منذ سنوات طوال وهو لايدرك ذلك ولم أشئ

اخافته بأخباره الحقيقه بأن روحه حبيسة في ذلك المكان نتيجة مظالم ارتكبها بحق الآخرين،،

وبالعودة الى سؤالي له مجدداً بخصوص الملف بعدما تلطفت الاجواء قال بأنه سيبحث عنه بأهتمام لأننا وعدناه بمبلغ رمزي مقابل البحث وإن كان هذا عمله. واخيراً وجد الملف وكانت الفرحة تغمرنا بأن ملفنا خرج من ذلك المثلث وكانت شبه معجزة أن نجده.

ما أثار اندهاشي انني زرت عدة مؤسسات ومنشئات حكومية وخاصة في وقت سابق واطلعت على قسم الإرشيف فهي مرتبة ومرتبطة بنظام الي وورقي حديث بحيث لاتأخذ وقت في استخراج الملفات لايستغرق اكثر من دقيقتين.

 

السؤال هنا لماذا لم تطبق تلك المحاكم والنيابات هذا النظام الحديث؟ حتى يتسنى لهم انجاز عملهم بأسرع وقت بدل من اهدار الوقت والجهد ورأفة بحال المتقاضي ذهاباً وإياباً آياماً بل قد تصل إلى عدة أشهر وهو يفتش عن ملف قضيته. وبالمقابل سيجنب مسؤولي الأرشيف أنفسهم للمسائلة القانونية بأرشفتهم المنظمة.

ولماذا لايتم وضع موظفين مؤهلين لتلك الأدارة فالأرشيف يعتبر العمود الفقري لكل المنشئات فمابالكم بالمحاكم والنيابات؟ وأرجو ان لاتكون كل المحاكم على شاكلة تلك التي زرتها..

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى